تمتاز إمارة الفجيرة، إحدى الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة، بموقعها الاستراتيجي باعتبارها الإمارة الوحيدة التي تقع على الساحل الشرقي للدولة، وتربط أسواق بلدان الخليج العربي بالشرق الأوسط، وأوروبا، وشرق أفريقيا، وبذلك تلعب الإمارة من خلال موقعها هذا دوراً حيوياً في التنمية الاقتصادية للدولة.
وشرع ميناء الفجيرة، الذي بدأ عملياته في العام 1983، بعملية تطوير حثيثة لتعزيز منشآته وزيادة نطاق عملياته وذلك لتلبية الطلب المتزايد للتجارة الدولية، حيث تتضمن الخدمات التي يقدمها ميناء الفجيرة حالياً شحن البضائع العامة، وشحن البضائع السائبة، بما في ذلك تصدير الحصى والرمال، وشحن المواد السائلة مثل الوقود، والنفط، وغيرها، وخدمات تزويد السفن بالوقود، ومنشآت الميناء ومرافقه، وخدمات الحاويات، وغيرها من خدمات الموانئ.
ميناء الفجيرة
يقع ميناء الفجيرة على مفترق طرق خطوط الشحن الرئيسية بين الشرق والغرب، ويُعتبر ثاني أكبر ميناء لوقود السفن في العالم، حيث استقبل مرسى السفن في الميناء 13,493 سفينة في العام 2013. وساهم هذا الموقع في نمو حجم التجارة الخارجية لدولة الإمارات عبر ميناء الفجيرة بنسبة 40% خلال الاثني عشر عاماً الماضية. وتعززت مسيرة النمو في ميناء الفجيرة في العام 2008، مع الإعلان عن اعتماد خطط تعزيز البنى التحتية بعد الحصول على قرض مشترك بقيمة 245 مليون دولار من بنك الفجيرة الوطني وبنك دبي التجاري، ليبلغ حجم حركة التجارة عبر ميناء الفجيرة بعد ذلك نحو 13 مليار درهم، فيما شهدت غرفة تجارة وصناعة الفجيرة ارتفاعا بنسبة 5% في عدد الرخص الجديدة والمجددة خلال العام 2012. وتأتي هذه الاستثمارات في وقت تحظى خلاله الفجيرة باهتمام ملحوظ كخيار ملائم للمستثمرين الساعين إلى التحوط من المخاطر بعيداً عن حالة عدم الاستقرار السياسي في مضيق هرمز. وفي هذا الإطار، خصصت حكومة الإمارات العربية المتحدة ثلاثة مليارات دولار لإنشاء خط أنابيب بطول 240 ميل من أبوظبي إلى الفجيرة، بقدرة استيعابية تصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً، لنقل نحو 70% من صادرات النفط الخام من أبوظبي عبر ميناء الفجيرة، وسيؤدي خط الأنابيب الجديد إلى تقليص الاعتماد على موانئ الخليج العربي في نقل النفط، وخفض ازدحام سفن الشحن عبر مضيق هرمز، وتخفيض تكاليف التأمين، وتقليص مدة الرحلة البحرية لنقل النفط، وذلك بتوفير ثلاثة أيام من زمن الإبحار. كما خصصت الحكومة أربعة مليارات دولار أخرى لبناء مصفاة للنفط داخل حرم الميناء. وبادرت شركات النفط والغاز الكبرى والشركات التجارية إلى اتخاذ خطوات طموحة لاستئجار مساحات لتخزين الوقود في ميناء الفجيرة، حيث قامت أرامكو السعودية باستئجار مساحة لتخزين مليون برميل من البنزين. ومن المتوقع زيادة القدرة الاستيعابية لميناء الفجيرة بنهاية العام 2014 إلى نحو 10.5 مليون طن، مقارنة مع 4.8 مليون طن في العام 2012. وتُعتبر السعودية أكبر مستثمر في مساحات تخزين النفط خارج الإمارات، وبنسبة تصل إلى 19% من إجمالي الإنفاق.
ويمكن لمرسى السفن في ميناء الفجيرة حاليا استقبال 100 سفينة في أي وقت عبر الرصيف الرئيسي الذي يمتد على مساحة 1.4 كيلومتر. كما يوجد بالميناء رافعتين لنقل المواد السائبة من رمال وحصى البناء تعمل بكامل طاقتها الاستيعابية ولديها القدرة على نقل 6000 طن من المواد بالساعة. واستجابة لزيادة حجم التجارة في ميناء الفجيرة، وقامت الكثير من الشركات بزيادة المساحات المستأجرة للبراميل، مع سعيها لزيادة حجم المنتجات المكررة في عمليات البيع والشراء.
النمو في الشرق الأوسط:
تبلغ قيمة مشاريع البناء والتشييد المقررة في دول مجلس التعاون الخليجي حتى شهر يونيو 2014 نحو 2.8 تريليون دولار. وتأتي المملكة العربية السعودية في طليعة النمو المستقبلي في قطاع البناء والتشييد في المنطقة، وتُعتبر ثالث أكبر شريك تجاري للإمارات في العالم من حيث التجارة غير النفطية، حيث بلغ إجمالي قيمة تجارة الإمارات غير النفطية مع السعودية نحو 21 مليار ريال سعودي في العام 2013. كما شهدت المملكة ارتفاعا كبيرا في حجم عقود مشاريع البناء والتشييد الممنوحة في العام 2014. أدت هذه القفزة من الازدهار إلى تجاوز القيمة الإجمالية للمشاريع المخطط لها أو الجاري تنفيذها في المملكة العربية السعودية حاجز 700 مليار دولار. ونظرا لامتلاك الفجيرة منتجات محاجر متميزة، وقدرة فائقة على توريد الرمال والحصى اللازمة لتلبية الطلب المتزايد على مواد البناء في المملكة العربية السعودية، تبدو شركات مثل أوريكس للصناعات التي تتخذ من الفجيرة مقراً لها، ذات جاهزية وخبرة ملائمتين لتلبية الطلب الجديد.
وتقدم الفجيرة بمزيج يضم ميناء يتميز بموقع استراتيجي، وبنى تحتية إقليمية، ووجود موردي مواد بناء من طراز أوريكس للصناعات، حلاً مثالياً للنمو المستقبلي للسعودية. ومن المتوقع أن تسعى المملكة العربية السعودية أيضاً لإبرام اتفاقيات استيراد جديدة مع الإمارات العربية المتحدة لضمان توفير الموارد الإضافية اللازمة لإنجاز مشاريعها المستقبلية، في تطور من المرجح أن يستفيد من التسهيلات التي يقدمها ميناء الفجيرة.