أحيا المتحف الرقمي للفن التشكيلي الإماراتي التابع لجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، مساء أمس الأحد، الذكرى الرابعة لرحيل الفنان التشكيلي الإماراتي حسن شريف، من خلال تخصيص ندوة ثقافية بعنوان “حسن الشريف في ذاكرة الفن”، بُثت عبر منصة الاتصال المرئي “زووم”، بحضور سعادة خالد الظنحاني رئيس مجلس إدارة الجمعية، وجمهور كبير من الفنانين والمهتمين بالفن المعاصر.
وتناولت الندوة التي شارك فيها، الأديب عادل خزام، والشاعرة والمخرجة نجوم الغانم، والفنان خليل عبد الواحد، وأدارتها الإعلامية رشا المالح، محطات من حياة الفنان حسن شريف الذي يعد من رواد الفن المفاهيمي في دولة الإمارات.
وعرضت المالح، في مستهل الندوة، الرحلة الملحمية التي عاشها شريف، حين امتزجت بالإصرار والتصميم لتحقيق أهدافه، من خلال إدخاله فن بصري جديد وبث الروح في أجواء الفن التشكيلي بين الأجيال الجديدة في الإمارات.
بدوره تحدث الأديب عادل خزام عن علاقته المتميزة مع الفنان الراحل حسن شريف ورحلته الإنسانية التي لم تنفصل عن الجانب الفني، حيث كانت لحظات حياته متنوعة ما بين الفن والأدب والشعر والفلسفة الوجودية.
واستعرض خزام حياة الراحل منذ دخوله المدرسة في سن العاشرة، متأخراً عن زملائه، مما شكل لديه تحد كبير في تجاوز العقبات التي كانت تعترضه في الحياة، كما تميز منذ صغره بالخربشات الذكية والتي بدأها برسم الكاريكاتير في مجلة نادي النصر ومن ثم تحول إلى رسام في هذا الفن في بعض الصحف المحلية كالفجر والوحدة .
واعتبر خزام أن سفر الفنان الشريف إلى لندن للدراسة في بداية ثمانينيات القرن الماضي، كانت نقطة تحول كبيرة في حياة المرحوم، وخاصة بعد عودته من دراسته للعلوم البصرية، وأصبحت لوحاته نابعة من تأثيرات فلسفية وشعرية، كما قام بتأسيس مرسم الفن في مسرح الشباب في دبي، كملتقى فني وفكري للفنانين والمفكرين في الفن الحديث، وساهم أيضا بتأسيس جمعية الإمارات للفنون الجميلة، ومجموعة “الخمسة” للفن المفاهيمي والتي شملت كل من محمد كاظم، ومحمد احمد إبراهيم، وعبد الله السعدي، وحسين شريف.
ويتابع خزام: واجه الشريف في فترة التسعينيات، تهميش من بعض المؤسسات الثقافية، وعدم ترشيحه ضمن المشاركات الخارجية، ولكن سرعان ما خرجت أعمال الفنان حسن إلى العالم، واستقطابها كبرى متاحف العالم، للأعمال الفنية الهامة التي أنتجها، فأصبح من أسماء الفنانين المهمين على الساحة الفنية، ولم تأخذه الشهرة عن أصدقائه ومحيطه المجتمعي.
من جانبها، أشارت الشاعرة والمخرجة نجوم الغانم إلى تجربتها مع الفنان الراحل حسن شريف، التي بدأت علاقتها به في ثمانينات القرن الماضي، وبعد عودته من بريطانيا، عمل على تغيير الحركة التشكيلية، إضافة إلى انشغاله بالترجمة للحركة الفنية.
وأضافت الغانم: طرقت أبواب عوالمه، من خلال فيلمي “آلات حادة” لتوثيق إرثه التشكيلي والإنساني والفكري، وحياته لحظة بلحظة، ورصد جولاته في موقع العمل، وأردت أن يكون الفيلم كمحاولة لمنح الفنان حسن جزءا من حقه على الفن، وأن يبرز قيمته وحضوره القوي في المنطقة بأسرها، كما حاولت في الفيلم ترك المساحة كاملة لحسن شريف ليروي بنفسه حكايته مع الفن، ويطرح رؤيته الذاتية فيما يتعلق بالفلسفة والأدب والموسيقى والأصدقاء والعلاقات والتحديات وطقوس عمله، علاوة على تسليط الضوء على مشروعه الفني القائم على الشكل المفاهيمي. وقدمت الغانم مجموعة من القراءات الشعرية التي لها علاقة بالفيلم فقالت: “يوم مختلط بالملح والثلج.. مطر هناك وقلب يترقب متى يسقط الغيم”.
ومن جهته، استعرض الفنان التشكيلي خليل عبد الواحد، الذي يعد أحد تلاميذ الفنان الراحل حسن شريف، تجربته، وكيف تتلمذ على يديه، وتعلم رسم الطبيعة الصامتة، واتقان أسياسيات العمل الفني التي بدأت بتعلم الرسم بقلم الرصاص والانتقال إلى التلوين بمراحل لاحقة.
وقال عبد الواحد: كان الفنان شريف يوجهنا نحو الأعمال الفنية القوية بصرياً، ويصوب الأخطاء التي كنا نقع فيها خلال عملنا في المرسم الحر، فكان له الفضل الرئيس في دخولي عالم الفن التشكيلي، ولا أنسى دوره في تمهيد الطريق في مواصلة تعليمي الفني بالخارج، واستيعاب جميع مهارات الفن، فأسس جيلاً مهماً من الفنانين على الساحة الإماراتية. موضحاً أن الفنان الراحل حسن شريف لم يكن معلماً لنا بل كان مربياً ويهتم بطلبته ويتابع احتياجاتهم، كما كان له دوراً حيوياً في إبراز أسماء طلبته في الصحف، أثناء حديثه عن الفن التشكيلي.
بدوره قال خالد الظنحاني رئيس مجلس إدارة جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية: “إن تخصيص ندوة ثقافية للفنان الراحل حسن شريف، ينبع من الأهمية الكبيرة لهذا الفنان الذي كان إنساناً متواضعاً وصاحب رسالة فنية ممزوجة بالبعد الإنساني وآمن بدور الفن في المجتمع الإماراتي المعاصر”. مضيفاً “هذا الفنان ذو قيمة إبداعية مهمة في عالم التشكيل، وكان له تأثيراً واضحاً في الفن، كما كان لشريف بصمة مهمة في طبيعة الحراك الفني وآفاقه وتطوراته، في المنطقة، وشجّع الكثير من الشباب الإماراتيين على خوض التجارب الجديدة في الفنون البصريّة”.