رغم حلم الإعلام الذي راودها مبكراً، ودفعها إلى الانخراط الأكاديمي في دراسة العلاقات العامة في كلية الاتصال بجامعة الشارقة فرع خورفكان، ومن ثم التخرج بامتياز في عام 2011، فإن طريق المذيعة الإماراتية عائشة النقبي لم تكن ممهدة بالورود، ولا مفروشة بالزهور، بل مملوءة بالتحديات والعراقيل التي انطلقت أولاً من تخوفات عائشة آنذاك من خوض التجربة المجهولة، رافقها تحدٍّ اجتماعي آخر، قوبلت فيه تجربة ظهورها في الإعلام بتحفظ ومعارضة العائلة والزوج. لكن نجاح عائشة في إثبات نفسها ومثابرتها لكسب ثقة جمهورها سرعان ما ساعداها على تكريس صورة مضيئة لحضور المرأة في الإعلام الإماراتي، الذي دخلته عائشة بمحض مصادفة خالصة، ولكن بعزم وإصرار على التميز «في البداية كان موضوع الإعلام مثل الحلم، ولا أنكر أنني واجهت بعض الصعوبات في إقناع عائلتي وزوجي، ولكن بعد مرور سنة تقريباً تلاشت الصعوبات بفضل الله، لأنني استطعت إقناعهم بنجاحي، من ثم بدأت العمل رسمياً في قناة الشرقية من كلباء، وحاولت تطوير مهاراتي مع الإعلامي المدرب فادي مطر، قبل المضي في تجربة تقديم أول برنامج صباحي بعنوان (ضحاوي)».
بداية المشوار
رغم ثراء تجارب النقبي التي راهنت على التنوع عبر اختيار التنقل بين مختلف أنواع البرامج، إلا أن البداية الرسمية لها كانت من برامج المسابقات، وتحديداً من برنامج «الفرسان»، الذي تعتبره عائشة أولى تجاربها الفعلية في التقديم، باعتباره تجربة ثرية تواصلت فيها مباشرة مع الجمهور والمتسابقين عن طريق الاتصالات الهاتفية التي شحذت هممها وطورت أدواتها بشكل واضح. من بعدها، خاضت عائشة تجارب العديد من البرامج الأخرى، منها البرامج الطبية مثل «الصندوق الأخضر»، والاجتماعية مثل «همسات»، والبرامج التراثية مثل برنامج «سوالف أول» وبرنامج «الليوان»، المعنيين بنقل العادات والتقاليد والموروث الإنساني والاجتماعي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
في ما بعد، انطلقت عائشة في تجارب متنوعة أخرى، أبرزها برنامج «360» الذي يطرح على الجمهور أهم فعاليات المنطقة الشرقية وروزنامتها الثقافية، من ثم استعادت برنامج المسابقات «احسبها صح» الذي خاضته عائشة بنجاح، وقدمت بعده برنامجي «علومكم» و«خميس وجمعة»، فاشتركت في تجارب التقديم مع كوكبة من الممثلين والنجوم الإماراتيين. في المقابل، لم تخلُ تجربتها من التنويع الذي راهنت عليه ليس فقط عبر نهج البرامج الصباحية وبرامج الحياة النفسية، بل بتجارب الإعداد والتنسيق التي خاضتها بشكل منفرد لتطور بها مهاراتها وتكتسب بها المزيد من الخبرة لمواجهة تحديات الشاشة.
تجارب لا تنسى
عن التجارب الإعلامية المتفردة والتقارير الإخبارية التي أنجزتها طوال فترة انخراطها في تجارب المرئي، قالت عائشة: «لدي الكثير من التقارير المميزة التي لها ذكرى جميلة، لعل أبرزها تقارير برنامج (حديث المساء)، التي اعتبرتها مثل التحدي الحقيقي الموضوع بيني وبين المذيع المقابل من أجل إبراز جماليات الأماكن السياحية والتراثية في المنطقة، فكانت التقارير المنجزة كل أسبوع بمثابة التحدي الذي نتسابق فيه على التميز».
حس المسؤولية
تأخذ النقبي عملها دوماً مأخذ الجد، فتتمسك في تجربتها الإعلامية بالمسؤولية، التي تترجمها في كل وقت على الشاشة من خلال صدقيتها وإخلاصها لمادتها ولجمهورها، فتربطهما عائشة بالصورة المشرفة للإعلامية الإماراتية وبالهوية الوطنية التي هي مصدر فخرها واعتزازها، من ثم تتضاعف مسؤولية ظهورها على الشاشة وانتقائها لمضامين هذا الظهور، إذ تؤمن عائشة أنه «حين يعجب الجمهور بالمذيع يتحول الأخير إلى شخصية مؤثرة في المجتمع، فيزداد حسه بالمسؤولية على تقديم الأفضل».
الثقة عنوان
سرعان ما ترجمت رسائل عائشة الهادفة في الإعلام بثقة القناة بها وترشيح اسمها للتصدي لتقديم فعاليات مهمة في الدولة وصفتها بالقول: «إن تغطيتي لهذه الأحداث هو جزء من مشاركتي في هذه المناسبات الوطنية الغالية على قلوبنا، أما الثقة التي تضعها القناة في شخصي، فأفتخر بها وأحسبها دعماً وتحفيزاً لامتناهياً لي على مزيد العطاء»، لافتة «شاركت في جميع تغطيات احتفالات الدولة والمنطقة الشرقية بالمناسبات الوطنية الخاصة بهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وغيرها من المشاركات الخارجية الأخرى، كالجلسات الرمضانية التي نظمتها وزارة الداخلية، وتم تكريمي من قبل وكيل وزارة الداخلية، الفريق سيف عبدالله الشعفار، كما رشحت لتقديم مهرجانات تراثية لمعهد الشارقة للتراث، وتقديم حفلات منطقة النحوه، وغيرها من احتفالات ومهرجانات المجلس البلدي في خورفكان وسجايا فتيات الشارقة والمكتبة العامة في كلباء، وغيرها الكثير».
الجرأة والموهبة
رغم تخصصها في مجال الاتصال، إلا أن عائشة لا تنكر قيمة الموهبة في رسم ملامح مشوار الإعلامي الناجح، وإثبات حضوره على الساحة الإعلامية، إذ تؤكد أن «التخصص العلمي شيء لا يستهان به في مجال الإعلام، ولكن المكمل الأساسي من وجهة نظري هي الموهبة، فلو لم تكن الموهبة موجودة لما استطاع المذيع التلفزيوني الظهور، كما أن الجرأة والقدرة على مواجهة الجمهور أمران ضروريان في تجربة الإعلام، إذ يسهمان مع الموهبة في خلق مذيع ناجح وقادر على إنجاح المستقبل»، لافتة أيضاً الى أنه «يجب على المذيع التمتع بمستوى مرموق من العلم والثقافة العامة، وذلك من خلال الاطلاع والبحث والقراءة التي تجعله ملماً بكل تفاصيل المادة التي يقدمها، وتزيد من ثقته وتمكنه من أدواته على الشاشة».
الحضور الأنثوي
تؤمن عائشة بقيمة الحضور الأنثوي على الشاشة، وبقدرته على تكريس تجارب التفرد في الإعلام المحلي، وتؤكد أن «الإعلامية الإماراتية لا تقل موهبة وإمكانية وحضوراً عن الإعلامي الرجل؛ لأن الأساس في نجاح الإعلامي ليس له علاقة بالجنس بقدر ما هو نتاج للموهبة والمثابرة والرغبة الصادقة في التطور».
• 2011 العام الذي تخرجت فيه عائشة بامتياز في كلية الاتصال بجامعة الشارقة – فرع خورفكان.
حياة الحرزي – البيان