يحن خلفان النقبي، القاطن في منطقة اللؤلؤية في خورفكان، للأيام الماضية التي قضاها في عمره، وخاصة إلى ليالي شهر رمضان الفضيل. يقول النقبي: «لا أعتقد أن العادات القديمة ستعود، فهي غالية على من عاشها على بساطتها، قديماً كان هناك عادات جميلة، يمارسها أهل الفريج والمنطقة الواحدة، وهي التجمع في مكان واحد وتبادل الزيارات والأطباق الرمضانية، فضلاً عن الاحترام والتواصل المستمر ما بينهم».
ويضيف: «كان الصيام في شهر رمضان وقت موسم الصيف متعباً نوعاً ما، وكانت الحرارة شديدة، ولكن على الرغم من ذلك كنا نؤدي هذه الفريضة والتحمل والصبر والكفاح بالصيام والعمل، وكان الرجال أيام الغوص يتحملون الجوع والحرارة والتعب في سبيل توفير لقمة العيش، وكانوا يفطرون أحياناً على قطعتين أو ثلاث من التمر في وسط البحر، وكانت الحياة جداً بسيطة وكلها حب وود واحترام ما بين الأهالي، ونعتبر أنفسنا بأننا نتكون من أسرة واحدة يقودها كبيرنا في السن».
استعداد نفسي وروحي
يشير النقبي إلى أن الناس قديماً كانوا يستعدون لحلول شهر رمضان منذ 15 شعبان، فيبدأ الجميع بالتمون له، عبر إعداد الأطباق الرمضانية التي يدخل في أغلبها الأرز والطحين، كما كانت النساء ينهضن منذ الصباح الباكر للصلاة، ويضيف:«رمضان لا يتغير، لكن سلوك الناس هو الذي يتغير بحكم الظروف، ورغم ذلك يظل رمضان واحة إيمان ومراجعة للذات».
يتابع النقبي:«في الماضي كان الفريج يمتلئ بالكثير من الأطفال يلعبون الألعاب الشعبية المخصصة لهم، حيث كان الجيران كل واحدا منهم يجلب معه طبقاً معيناً مما تم إعداده في المنزل، يجتمعون كلهم على مائدة واحدة، ويتناولون سفرة رمضان، بينما النساء أيضا يجتمعن مع بعضهن البعض ويتناولن الفطور، كانت الفرحة واحدةً والقلب واحداً، والتعاون فيما بين الجميع، متواصلين فيما بينهم بشكل يومي»، لكن النقبي يقول، إنه ما زال لليوم سعيداً بحرص العائلات الإماراتية على استخدام الدخون والبخور لدى استقبالهم لبعضهم البعض، فلم يلغها تطور الحياة والزمن من قاموسنا اليومي.
حكايا الأطفال
من أبرز الأشياء التي يفتقدها النقبي، العادات والتقاليد التي كانت تمارس أيام رمضان، ويقول: «من الذكريات التي ما زلت أتذكرها، أن أولاد الفريج يذهبون إلى أعلى قمة ينتظرون وقت أذان المغرب، وعندما يعلن عن الوقت، ترى الأطفال منتشرين في الفريج ينادون بأعلى أصواتهم «أذن أذن»، وهكذا يطوفون كل أرجاء الفريج ليعلنوا وقت الإفطار. ويضيف:«من أهم العادات التي كانت تمارس في شهر رمضان الفضيل هي الزيارات بين الأقارب والجيران، وكذلك كثرة الذهاب إلى المساجد ودور العبادة وحضور الدروس الدينية، وطبيعة الحياة كانت تفرض على الناس نظاماً اجتماعياً معيناً، فكانوا قريبين من بعضهم في السكن، وكانت مساكنهم متلاصقة ومتداخلة، ويشعرون ببعضهم أكثر. وكانت أيام رمضان جميلة بمحبة الناس لبعضهم، وتمسكهم بتقاليدهم، ويشعر كل شخص أن لرمضان روحاً وكأنه إنسان، فنحاول استقباله وتوديعه بإكرامه عن طريق أداء ما علينا من طاعة على أكمل وجه، والعادات الرمضانية نظام متوارث لا نستطيع التخلي عنها ولا إغفالها».
هناء الحمادي – الاتحاد