محمد أحمد محمد اليماحي، عضو المجلس الوطني الاتحادي، والنائب الأول لرئيس غرفة تجارة وصناعة الفجيرة، يسرد ذكريات رمضان في الماضي، فيقول: كنا نستقبل شهر رمضان بكل سعادة وفرح لأنه شهر يحمل معه الرحمة، والمغفرة، والبركات، في ربوع الأرض كافة، وكنا عندما يأتي الشهر الفضيل نزيد اجتهادنا لأداء الطاعات وفعل الخير، وهذا ورثناه عن والدي، رحمه الله.
وكان الاستعداد لشهر رمضان يبدأ منذ أواخر شهر شعبان، إذ نستعد لاستقبال الشهر الكريم بشوق ولهفة لأنه شهر التواصل، وتبادل الزيارات بين الجيران، وتبادل المأكولات أيضاً، فكل جار يهدي جاره، ويطعمه من فطوره، وأذكر أنني بدأت الصيام وأنا عمري 7 سنوات، ورغم التعب والعطش الشديد تمسكت بالصيام، لأن والدي كان حريصاً على أن نصوم ،وأن نقوم مع أخي في صلاه الفجر.
يقول اليماحي: لشهر رمضان المبارك في الماضي عاداته، وتقاليده، وطقوسه، وذكرياته التي لا تمحى من الذاكرة، حيث كان لرمضان نكهته الخاصة لقوة العلاقات الاجتماعية فيه، وقوة صلة الأرحام، واللقاءات، وجلسات السمر التي لا يزال بعضها يحافظ على هذه العادات حتى وقتنا الحاضر، حيث كان يتجمع الأهالي، والأقارب، والأصدقاء، في مجلس والدي، رحمه الله، في منطقة «الغوب» بدبا الفجيرة، والكل من أبناء القبيلة يحرص على حضور المجلس، أو ما يسمى «برزة رمضان»، وتكون الجلسة مملوءة بروح المحبة والألفة والاحترام بين الجميع، حيث كان التجمع يتم وقت تناول الإفطار، وبعد أداء صلاة التراويح لتناول «الفوالة» التي هي أكلات تقليدية بسيطة، مثل الهريس، والخبيص، واللقيمات، والفريد، وبعض الفواكه المحلية، والتمور، والقهوة العربية، وكنا نتنافس على صب القهوة للموجودين مع زملائي، ولا نسمح لأي أحد أن يقوم بصب القهوة غيرنا، وأصبحت الآن في يد موظفين بالأجر، وكانت الأحاديث والسوالف تدور مع القهوة العربية، حتى ما بعد منتصف الليل.
وعن أبرز الذكريات المحفورة في الذاكرة عن شهر رمضان في الماضي يقول اليماحي: أجمل الذكريات الرمضانية تبادل أطباق الأكل بين الجيران، حيث كنت أقوم مع أصدقائي بتوزيع الطعام على الجيران والمحتاجين، ولا أنسى مسابقات حفظ القرآن الكريم، والألعاب الشعبية التي كنت حريصاً على ممارستها مع أبناء المنطقة مباشرة بعد صلاه التراويح، فكانت هذه الألعاب تدخل الفرح والسرور على قلوبنا جميعاً، خاصة لعبة كرة الطائرة، كما لا أنسى إقبال الناس الشديد على المساجد، وتلاوة القرآن، والذهاب إلى الأسواق، ومظاهر أخرى كثيرة من التواصل مع الأرحام، وإعداد الولائم، ودعوة العائلات لها، وتبادل الزيارات، وحضور دروس العلم في المساجد.
ويضيف اليماحي: رمضان في الإمارات في الماضي والحاضر له مذاق خاص، نحرص من خلاله على إحياء تقاليد وعادات توارثناها من أزمنة بعيدة عن الأجداد، ونكهة خاصة، وأجواء روحانية في ظل ترابط اجتماعي متميز، ولا أزال حريصاً على التجمع في مجلس المغفور له، بإذن الله، والدي مع الأهالي من المناطق كافة، لتناول الفوالة، ومناقشة موضوعات عدة، وهي عادة ورثتها عن والدي، رحمه الله.
بكر المحاسنة