بدأ مشواره الإعلامي بتقديم الأخبار في إذاعة «الفجيرة»، ومنها انتقل إلى قناة «بينونة»، لكن نجاحه برز جلياً عند انضمامه إلى شبكة قنوات «أبوظبي»، حين عمل كمحرر ومقدم لبرنامجي «عونك» و«الحزم والأمل».. أظهر المذيع أحمد اليماحي جانبه الإنساني خلال تقديمه «عونك» في شهر رمضان لموسمين، مستعرضاً عطاء الهلال الأحمر الإماراتي للمناطق المنكوبة في العالم، مواجهاً الموت ومضيئاً على الحياة. وشاهدناه محاوراً في المجال السياسي في «الحزم والأمل».. عن برامجه وعمله تحدث اليماحي في هذا الحوار.
} بدأت مشوارك المهني ببرنامج سياسي، ألم تخش التجربة وصعوبتها؟
– منذ طفولتي وأحد أحلامي أن أدرس السياسة والالتحاق للعمل بالمجال الدبلوماسي، لكن شاءت الظروف أن أدرس الإعلام ووجدت نفسي فيه، كما استطعت تحقيق حلمي ولو نسبياً، من خلال التطرق إلى المجال السياسي، وما أهلني لذلك أنني مطلع وقارئ جيد، ولعل الأحداث الدائرة في اليمن كانت بوابتي الأكبر لدخول البرامج السياسية، ولا أنكر أنه مجال صعب ومرهق، ويتطلب أعلى درجات التركيز وتبنى عليه مواقف عدة، خصوصاً وأنني أعمل في شبكة قنوات رسمية تمثل الدولة.
} ما الذي جذبك للقبول بهذه المهمة؟
– ما جذبني وما زال للعمل في مؤسسة «أبوظبي للإعلام»، هو أننا كإعلاميين لا نحصل على إملاءات أو توجيهات بما يجب ولا يجب أن يقال، وهو أمر إيجابي يفسر بأشكال عدة، منها ثقة القائمين على المؤسسة بمن يعمل معهم، والخبرة والمهارة التي يعولون عليها لدينا، وهذه الحرية وفهمنا لسياسة القنوات تمكننا من العمل ضمن النطاق السليم خصوصاً في المجال الإعلامي السياسي، الذي يعد الأكثر حساسية.
} من أين كانت بداية عملك في برنامجي «عونك» و«الحزم والأمل»؟
– بدايتي كانت حينما كُلّفت بمرافقة حملات الإغاثة للاجئين على الحدود السورية في لبنان والأردن وأفغانستان وغيرها، بعضها مع الهلال الأحمر الإماراتي وبعضها الآخر مع الأمم المتحدة، وكان عملي إعداد التقارير التي تبرز تلك الأعمال ونقل الحالة الإنسانية للاجئين، بعدها تم الاتفاق بين الهلال الأحمر الإماراتي وتلفزيون «أبوظبي» على إعداد برنامج خاص عن تلك الحالات فكان «عونك» الذي كُلّفت بتقديمه، ليعكس مشاريع الهلال الأحمر الإماراتي في المناطق المنكوبة، وقدرتها على خلق بصيص أمل لأولئك، أما «الحزم والأمل» فجاء بعده.
} وكيف كانت الانطلاقة في «الحزم والأمل»؟
– جاء البرنامج بعد حادثة شهداء الإمارات البواسل في مأرب، لكن بمسمى آخر، وقدمته مع زميلي طارق الزرعوني، ثم تحول إلى «الحزم والأمل» ليترجم الجهود الإماراتية خلال حملتي “عاصفة الحزم وإعادة الأمل”، والبرنامج بطبيعته مباشر يستضيف محللين سياسيين وشخصيات ذات علاقة بالأحداث في اليمن، وهو ما يتطلب مني أن أكون محاوراً جيداً مستنداً على شخصية متسلحة بثقافتها واطلاعها الدقيق على الأحداث، وفي ذات الوقت الجد والحزم لاستخراج المعلومة، وهو ما كان جديداً نسبياً عليَّ بعد «عونك» الذي أكون فيه على سجيتي مع كافة الفئات العمرية ومنهم الأطفال وكبار السن، وتتطلب جهداً بدنياً كبيراً وحسن تصرف في الأحداث المباغتة في المناطق المنكوبة، فكنا نصور في أحيان كثيرة حتى 12 ساعة في أماكن صعبة كالنيجر وتوكو وتنزانيا والفلبين وأندونيسيا، وأحياناً تكون البنى التحتية مهدمة ولا مجال سوى أن نعيش ذلك الواقع، وهو ما تطلب مني لياقة جسدية ونفسية عالية.
} هل واجهت بعض التحديات؟
– هي ليست تحديات بقدر ما هي رغبة في الظهور بالشكل الأنسب للبرنامج، خاصة وأنه مباشر ويتطلب التركيز العالي، والمطالعة الدقيقة للأحداث في كل لحظة، فكل يوم أكتشف أنني كنت أجهل معلومات ما، وبمجرد أن أغيب ثلاثة أيام عن البرنامج، أعود لأجد الأمور والأحداث قد تغيرت. كما أن الكثير من المشاهدين لا يعرفون الطبيعة الجغرافية لليمن ومكونات المجتمع اليمني، وهو أمر حاولنا أن نوضحه في «الحزم والأمل» لأن الكثير من الأحداث مرتبطة بتلك العناصر بشكل دقيق، كما أن تفادي تكرار الضيوف واستقطاب خبراء جدد واستخدام تقنيات حديثة في العرض (الثري دي والجرافيكس) قد رفع من مستوى البرنامج، الذي حاز بجهود القائمين عليه على عدة جوائز محلية وعربية.
} يعتقد بعضهم أن كاميرا البرامج الإنسانية مثل «عونك»، قد لا تظهر حقيقة أن طاقم العمل ومنهم أنت كمقدم يعيشون الحالات على أرض الواقع، فما ردك؟
– يستطيع الإنسان عموماً أن يعيش دوراً غير دوره الطبيعي في الحياة لمرة أو مرتين، وكممثل أو إعلامي يمكنه أن يتظاهر لفترة محددة بأنه يعيش ذلك الدور، لكنه من المستحيل أن يستمر في الادعاء لثلاث سنوات كما عشناها في «عونك»، حتى أنني صرت أخشى أن أعتاد المشاهد المأساوية وأصبح كمشرِّح الجثث الذي يعتاد عمله، وخشيت على مشاعري الإنسانية من أن تتلاشى لكثرة ما شاهدت، لكنني بفضل الله تعرضت من جديد لمشاهد ووجدت أنني لم أتغير. وهنا أتمنى أن تنتقل المدرسة الإعلامية العربية لمرحلة يمكنها أن تخاطب فيها المشاعر من واقع الأحداث، فلدينا لغة عربية غنية وقادرة على نقل تلك المشاعر، وبنفس الوقت لدينا البيئة التي تمكننا من ذلك، فلا نكتفي بتقديم الأخبار بتجرد بلا مشاعر، فلا أحب نقل الأحداث كما هي، بل أسعى إلى ملامسة مشاعر المشاهد ونقل الحدث بإنسانية وتصديره للعالم.
} يراك بعضهم تقلد مقدم البرامج أحمد الشقيري، فما ردك؟
– وشبهني بعضهم بالإعلامي يسري فودة، ولكلاهما أكن كل مشاعر التقدير والاحترام ولتجربتيهما، لكنني أقول إن التقليد هو أول خطوات الفشل، فلو تحول إعجابي بهما إلى تقليد فسأظل تحت تلك العباءة ولن أشق طريقي الخاص، وهو ما أرفضه ولا أجد نفسي أقلد أحداً، خاصة وأن برنامجي إنساني لا اجتماعي كما هي برامج الشقيري، كما أن الأماكن التي نزورها والأهداف مختلفة؛ لذلك لا الأسلوب ولا المادة المقدمة متشابهة فأين يكون الشبه؟ لعل تحدثي باللغة العربية التي فضلتها على المحلية البيضاء تجعلني أفتخر وأشعر بالفرق.
} وما أبرز التحديات والمصاعب التي واجهتك في «عونك»؟
– لا بد بداية من شكر الفرق التي تعاملت معها ومؤسسة «أبوظبي للإعلام» وما بذلوه من جهود لنظهر بالشكل الأمثل، ولعل التحديات الأبرز تتعلق بالتراخيص للدخول إلى أماكن معينة مثل فلسطين التي أتمنى زيارتها، إضافة إلى التعرض للعديد من التهديدات خلال التصوير في بعض الأماكن، وواجهنا تحديات أمنية في العراق وجماعات متطرفة دينياً في دول بإفريقيا، وفي أحيان كثيرة يسمح لنا بالدخول إلى مناطق خطرة على مسؤوليتنا الشخصية أي إذا حصل أي هجوم مفاجئ من قبل أي جهة فنحن سنكون المسؤولين عن أنفسنا، وحصل مرة تبادل لإطلاق نار ونحن وسط منطقة عراقية، وفي مرة أخرى كنا على مقربة من «داعش» ما لا يزيد على 50 متراً، وفي إحدى الدول العربية رفع أحدهم علي سكينه، وشتمني آخر في دولة أوروبية يقال إنه ينتمي لجماعة تتبنى الفكر «الداعشي»، وحتى اليوم أتلقى التهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
} هل سنشهد موسماً جديداً من «عونك»؟
بعد أيام سنستكمل تصوير الموسم الثالث في مناطق عدة من العالم، وافتتحناه في مخيمات اللاجئين في اليونان، وسنقدم في شهر رمضان موسماً مختلفاً بنسبة تصل إلى 70%، بمناطق أكثر جرأة من خلال 15 حلقة، وسنتحدث عن جوانب سياسية للمرة الأولى بجانب الإنسانية، لكننا سنحافظ على فقرة مبادرة التي نغير فيها حياة أسرة من حال إلى حال.
الشارقة: فدوى إبراهيم