الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، لا شيء في البيت يتحرك، كل شيءٍ ساكن، إلا من جلبة متوارية خلف جدران مستودع البيت، التقطت الخادمة أنفاسها، ورتبت هندامها، وسوت شعرها الذي تناثر على غير هدى، وما إن شعرت بأن صدرها قد استقر في مكانه، هرعت إلى سيدتها، وقد دخلت عليها بوجهٍ غير الذي كانت عليه من ذي قبل، أيقظت مخدومتها من نومها، وأبلغتها بأن زميلتها الخادمة تعاني من مشكلة مرضية.
نهضت سيدة البيت من فراشها، اعتلت كرسيها المتحرك، وبالكاد تثاقلت على نفسها وجابت طرق البيت بسرعة وخلفها الخادمة تهرول، وقد شعرت أن أمراً جللاً قد حدث للخادمة الثانية، ولكن لا تعرف على وجه الدقة ما هو هذا الأمر.
دلفت إلى المستودع، وألقت على الخادمة نظرة فاحصة، فوجدتها تئن من الألم والوجع الذي أصاب وجهها المحتقن بكدمات لا حصر لها، لا تستطيع الحراك ولا القيام، جسمها في غاية الإنهاك. وجهت السيدة نظراتها الفاحصة إلى الخادمة التي أبلغتها بالخبر، فجاءت الإجابة سريعة بإيماءات رافضة تؤكد أن لا علم لها بما حدث.
على الفور، طلبت السيدة الإسعاف الذي قام بنقل المجني عليها إلى مستشفى الفجيرة لتلقي العلاج السريع.
مرت الدقائق على الخادمة صعبة وثقيلة، بينما المجني عليها تصارع الموت في غرفة العناية المركزة. وما إن مرت ساعة من الزمن، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، ولا أحد يعلم حتى الآن ماذا حدث للمجني عليها؟ ومن قتلها؟
كانت الأجواء، في اليوم الثاني للوفاة داخل البيت، حزينة وكئيبة ومليئة بالتوجس والخوف والترقب، والجميع يضرب أخماساً في أسداس، ما الذي حدث؟!
وكانت الخادمة مرعوبة من نتائج ما جنت يداها، واعترفت تحت ضغط الخوف من العقاب لمخدومتها، أن مشاجرة وقعت بينها وبين المجني عليها، أفضت إلى وفاتها من دون قصد.
حاولت أن تستميل مخدومتها ربما غضت الطرف عنها لتتراجع عن إبلاغ الشرطة، وتصبح الوفاة طبيعية، وهي لا تعلم أن بالمستشفى إجراءات وتساؤلات يطرحها مركز الشرطة بالمستشفى.
تم القبض على الخادمة ووجهت إليها نيابة الفجيرة الكلية تهمة قتل زميلتها، فأنكرت التهمة. وأفادت أمام هيئة المحكمة أن المشاجرة كانت عادية، واستخدمت فيها ذراع المكنسة الكهربائية، لكن لم تكن هناك لديها أي نيّة مطلقاً للقتل، وطلبت البراءة.
وكانت محكمة جنايات الفجيرة قد استمعت اليوم، برئاسة المستشار محمد الظنحاني وعضوية المستشارين شيخ بن داهي ومحمد صالح، لشهادة صاحبة البيت، وتم تأجيل القضية للجلسة المقبلة لسماع باقي الشهود.
الاتحاد