تتميز رول ضدنا، التي تتبع إدارياً لمدينة دبا الفجيرة، بإطلالة فريدة على ساحل خليج عمان، إذ تتمتع بوجود المناظر الطبيعية الخلابة وبمناطقها الساحرة الهادئة ووجودها بين البحر والجبال. وتتميز هذه المنطقة الجميلة عن غيرها من مناطق دبا الفجيرة بمزارعها الغناء وشواطئها الرملية الناعمة المميزة المزينة بالهدوء والجمال، كما تتميز بكثرة انتشار المزارع الخضراء المزروعة بكافة المحاصيل الزراعية.
كما تتميز المنطقة بوجود العديد من المعالم الأثرية والتاريخية، منها المواقع الأثرية التي تم العثور عليها من قبل هيئة الفجيرة للسياحة والآثار، ومسجد قديم يعود لمئات السنين والعديد من المنازل القديمة، كما تتميز المنطقة بوجود العديد من أفلاج المياه القديمة، وبوجود طوى المياه القديمة داخل باطن الأرض، والعديد من الآثار التاريخية للأهالي، الذين سكنوا تلك المنطقة في الماضي، ونظراً للأهمية التاريخية للمنطقة ومعالمها الأثرية والطبيعية، زارتها «الخليج»، ورصدت التقرير التالي:
تقع قرية رول ضدنا على بعد 60 كم جنوبي شرق مدينة الفجيرة، و15 كم شمالي مدينة دبا الفجيرة على الطريق المار بين دبا الفجيرة وخورفكان. وتتميز القرية بأنها تجمع بين ثلاث بيئات: الجبل، والمزارع، والبحر، وتميزت القرية في الماضي؛ نظراً لتنوع بيئاتها الجغرافية بتنوع الأعمال فيها، وتعدّد مصادر الدخل بالنسبة لأهل القرية، حيث كانت ممراً لكثير من الناس، بحكم موقعها.
واشتهر سكان رول ضدنا منذ القدم بالزراعة بأنواعها، إضافة إلى تربية ورعي الأغنام والأبقار باعتبارها من المصادر الأساسية لتوفير لقمة العيش الكريم، في ذلك الوقت، كما لعبت الأمطار الموسمية، ووجود الأودية بالمنطقة والأفلاج والآبار الجوفية العذبة، وامتهان الأهالي جميع أعمال الزراعة، الدور الكبير في اخضرار القرية وخصوبة أرضها، كما اشتهر أهالي القرية قديماً بركوب البحر وصيد الأسماك، والغوص .
الشاب خليفة عبد الله خميس الزيودي، مدرس لغة عربية، قال عن المنطقة: رول ضدنا تعتبر إحدى المناطق الجبلية والبحرية ذات الطبيعة الخلابة الجميلة، حيث يحدّها من الجهة الغربية الجبال الشامخة، ومن الجهة الشرقية البحر، وتتمتع بالهدوء وبكثرة المزارع الخضراء الفريدة من نوعها، فضلاً عن اعتدال جوها صيفاً، ويتميز أهالي رول ضدنا بحسن الضيافة والكرم والشجاعة، وحب الوطن والوفاء للقيادة الحكيمة.
وعن سبب تسمية القرية بهذا الاسم يقول: في الأساس كان تسمية المنطقة هو «الرول» بدون إلحاق ضدنا بها، لكن لتمييزها عن قرية رول دبا، التي تبعد عنها حوالي عشرة كيلومترات، والرول جمع مفردها رولة، وهي إحدى الأشجار المستوطنة في القرية، وهي شجرة ضخمة وارفة الظلال وتنتشر بالمنطقة بشكل كبير.
ويقول: كان أهالي القرية يبيعون المحاصيل الزراعية، أو يقايضون بها التجار الذين كانت قواربهم ترسو على ساحل رول ضدنا، وكانت دائماً محملة بالزيت والسكر والقهوة والدقيق والملح وأقمشة وملابس الناس وغيرها من احتياجات الأهالي.
وأكد أن رول ضدنا، من المناطق الساحلية التي يشتهر أهلها بإتقان مهارات الصيد وركوب البحر منذ القدم، وحتى وقتنا الحاضر، كما يمتلك أهالي المنطقة مهنة إتقان قواعد وأصول الزراعة، وجمع عسل النحل البري من الكهوف الجبلية للمنطقة.
وعن التعليم بالماضي، يقول: لم يكن التعليم متوافراً كما هو حالياً، وكانت أعداد المتعلمين قليلةً جداً، وكانت في الأساسيات، وهي حفظ عدة سور من القرآن، وكان من يريد أن يتعلم أن يذهب إلى مدينة دبا ليتلقى من المطاوعة تعليماً أكثر، وبالنسبة لظروف المواصلات قديماً، كان الذهاب والرجوع من المدينة مهمة شاقة، في ظل انعدام طرق المواصلات، حيث كان الانتقال إمّا على الأقدام، وإمّا بركوب الخيول والبعير، أما في الوقت الحاضر، فلله الحمد تزايدت أعداد المتعلمين حتى أصبح أغلب أهل القرية متعلمين، وتابع الكثير منهم دراسته الجامعية، وكذلك الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه، وهناك أيضاً مبتعثون إلى خارج الدولة.
الوالد عبد الله علي الزيودي، أمير قبيلة الزيود، يقول: غلبت حياة السهل والبحر على حياة أهل القرية، وكان هناك المشتى «منزل الشتاء»، والمقيظ «المنزل الصيفي»، وفيه يختلف مكان الإقامة ونوع البيت، وكان هناك بيت الكرين «ذو السقف المثلث»، والعريش بيت مصنوع ومسقوف من سعف النخيل، والخيمة.
ويضيف الزيودي: كان أهل القرية يعتمدون في غذائهم على صياد الأسماك، وما يجود به البحر من خيرات، سواء من الأسماك أم القشريات والمأكولات البحرية، وبعض أهالي القرية، كان رعي الأغنام وتربيتها، حرفتهم الأساسية، وما يتيسر لهم من خير الأغنام والأبقار التي يربونها، فكانوا يحصلون على حاجتهم من اللحوم والألبان والسمن والجلود من الحلال الذي يربونه، أما بالنسبة للمزارعين، فكان الخير متوافراً طوال العام، لكنه يختلف من موسم لآخر، فكانت هناك الزراعة الموسمية فزرعوا الشعير والبر والدخن والخضروات الورقية كالرويد وزرعوا الفندال «البطاطا الحلوة»، والبصل، ويعدّ موسم الصيف من أهم المواسم؛ نظراً لأنه موسم جني النخيل«الجداد»، وموسم طرح مختلف الأشجار ثمارها، مثل الهمبا، والحمضيات «الليمون والبرتقال»، والجوافة والعديد من الفواكه الصيفية. وأكد الزيودي: تميزت القرية سابقاً بكثرة خلايا العسل وتنوع مواسمه، مثل «عسل السمر وعسل السدر وعسل العشب»، ولكل نوع فوائده المتعددة، وكان الأهالي سابقاً يعتمدون كثيراً على حساب الدرور، وهو حساب المواسم المختلفة، وكانوا يستفيدون من هذا الحساب لمعرفة أوقات الزراعة المناسبة وكذلك الصيد.
وأوضح الزيودي أن أهالي رول ضدنا يشتركون في العادات والتقاليد مع مختلف المناطق مع اختلافات بسيطة من مكان إلى آخر، وكانوا يحاولون تحري هلال رمضان أو العيد من أعلى قمة يستطيعون الصعود عليها، فإذا شاهده أحدهم أطلق عدة عيارات نارية إيذاناً بمشاهدته للهلال، ومن الطقوس الاجتماعية الجميلة خلال شهر رمضان أو في الأعياد هو التكافل بين أهل القرية جميعهم، واجتماعهم قدر الإمكان في مكان واحد أو الالتقاء كجماعات لتناول وجبة الإفطار، أو تناول «فوالة العيد»، وكل واحد يجلب ما يستطيع أن يجلبه، وكان الغذاء الرئيسي لهم هو، التمر والألبان، وما يتوافر من لحوم أو أسماك.
وعن طرق العلاج في الماضي بمنطقة رول ضدنا يقول: الوالد محمد راشد، اعتمد أهالي رول ضدنا في علاج الكثير من الأمراض، على الطرق التقليدية القديمة، ومنها الكي «الوسم» والعلاج بالأعشاب الموسمية المتوفرة والعلاج بالحجامة وتجبير الكسور بالطرق التقليدية باستخدام مواد من الطبيعة، أما في الوقت الحاضر، فقد توفرت الرعاية الصحية في أماكن كثيرة وقريبة للقرية، فهناك مستشفى دبا الفجيرة الحكومي، وكذلك عيادة ضدنا الصحية، وانتشرت العديد من العيادات الصحية الخاصة.
سالم عبدالله الزيودي يقول: انتقلت القرية نقلة نوعية بعد دخول الاتحاد، فبنيت البيوت الشعبية ودخلت خطوط الكهرباء والماء والاتصالات للقرية، وأصبح هناك شارع قار «معبد» رئيسي يربط القرية بالطريق إلى دبا وإلى الفجيرة وأنشئت العديد من المنازل والفلل بفضل برنامج الشيخ زايد للإسكان، وأصبح بالقرية مدرسة أنس بن النضر للتعليم الأساسي والثانوي، وتوجد في القرية مدرسة حكومية ثانوية للبنين فقط، ويوجد في قرية ضدنا المجاورة لرول ضدنا مركز صحي ومركز الشرطة ومركز للدفاع المدني، ومكتب لوزارة البيئة، كما اعتمدت الزراعة في القرية على الآلات الحديثة، وازدهر في البداية إنتاج الخضروات والمحاصيل الزراعية، لكن كثرة استنزاف الماء وشحّه أدّى إلى جفاف عدد من المزارع.
وأضاف: يسكن في قرية رول ضدنا، قبيلتان «الزيود والصريد»، وبينهما علاقة مودة ونسب، وعدد السكان حوالي 700 -1000 نسمة، وعدد البيوت حوالي 120 بيتاً، وأغلب أهل القرية من المتعلمين في مختلف المراحل الدراسية المختلفة، ويعملون في مختلف الدوائر الحكومية داخل الدولة.
وثمّن الزيودي توجيهات صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وولي عهده الأمين سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، في توفير الخدمات كافة، للمواطن في منطقة رول ضدنا، ومناطق الفجيرة كلها، حيث إن سموهما لم يقصرا يوماً في تلبية احتياجات الأهالي، في مناطق الفجيرة، وتقديم الخدمات والاحتياجات، التي جعلتهم يعيشون في حياه كلها خير وسعادة وأمان.
علي خلفان يقول: تتميز الواجهة الأمامية للقرية بوجود شاطئ خاص للعائلات، كما تتميز القرية بالمناظر الجميلة، وقربها من ساحل البحر والحزام الأخضر، الذي يحيطها من المزارع والتي لا زال الكثير منها يحتفظ بإنتاجه الزراعي، وكذلك المناظر الجبلية الجميلة والوديان، كما عثرت البعثة الاستكشافية للآثار، بالتعاون مع هيئة الفجيرة للسياحة والآثار، عن عدة مواقع أثرية، وكذلك مقابر قديمة، وسيتم العمل في هذه المواقع في المستقبل القريب.
بكر المحاسنة