تتمتع إمارة الفجيرة بمزايا ومقومات جغرافية وتاريخية وطبيعية تجعل منها بلداً سياحياً في جميع فصول العام، وتلبي معظم الأهداف التي ينشدها السائح، حيث تتوافر الأماكن والمواقع التاريخية و الأثرية والمشاتي والمصايف والينابيع الطبيعية والصحارى والشواطئ، لكن تبقى القرية التراثية بالفجيرة من أهم الأماكن التاريخية والأثرية التي تجذب الزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم، للتعرف إلى تراث وتقاليد الشعوب التي عاشت في المنطقة، حيث تنطق القرية بالماضي، لتروي التاريخ عبر طيات جدرانها من خلال ما تضمه القرية من أركان تراثية متعددة، ونماذج البيوت القديمة، ومقتنيات أثرية شاهدة على الماضي وأنماط الحياة التقليدية، وأدوات قديمة تحكي قصة كفاح خاضها الأجداد للبحث عن لقمة العيش الكريم ومن خلال ما يتم تنظيمه من فعاليات تراثية بالقرية بشكل مستمر.
قرية التراث بالفجيرة التي أمر بإنشائها صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، عام 1996،إيماناً من سموه بأهمية التراث وإحيائه، وضرورة تعريف الشباب والأجيال القادمة بالموروثات القديمة واطلاعهم عن قرب على نمط حياة الآباء والأجداد بما يزيد من تمسك أبناء هذا الوطن بتراثهم وأرضهم الغالية، وتداعب الذكريات الجميلة وتستدعيها بقوة، حيث تنقل لزوارها التراث بطريقة جذابة وممتعه للصغار والكبار، وفي كل ركن من أركانها وبيوتها القديمة، يتنفس الزائر عبق الماضي للأجداد والآباء الذين عاشوا على أرض الفجيرة منذ آلاف السنين.
وتحمل القرية التي تقع شمال مدينة الفجيرة بمنطقة مضب بالقرب من حديقة عين مضب الكبريتية على مساحة 6 آلاف متر مربع، ملامح الماضي وكيف كانت معيشة أبناء الإمارات ونماذج الحياة اليومية القديمة للأهالي، و كيف كانت حياة الأهالي في الماضي، كما تقدم صورة صادقة ومعبرة لنمط حياة أهل الإمارات منذ مئات السنين.
سعيد السماحي، مدير هيئة الفجيرة للسياحة والآثار يقول: جاءت القرية التراثية التي أمر بإنشائها صاحب السمو الحاكم، لإحياء التراث الشعبي والمحافظة عليه من الاندثار وغرسه في نفوس الأجيال الجديدة لتدعم التمسك بالعادات والتقاليد و لتعريف الأجيال بماضي وتاريخ أجدادهم والحياة القاسية التي عاشوها، وتعريف السياح والزوار الأجانب على الماضي والحاضر، والمعاناة التي عاشها الآباء والأجداد.
وأضاف السماحي: تجسد القرية التراثية صورة صادقة لنمط الحياة وأدوات الإنسان الإماراتي التي عاش معها وبها وطوعها في حقبة من الزمن، حيث تعرض العديد من المقتنيات والأدوات والنماذج التي ترصد الحياة الاجتماعية القديمة للمنازل القديمة والمطبخ التقليدي ومكوناته والمجالس، بالإضافة إلى الأزياء والملبوسات وأدوات زينة المرأة الإماراتية ومقتنياتها والحلي وغرف نوم الصغار والمجالس وبئر الماء التقليدية وطرق إخراج الماء من البئر، والعديد من المجسمات لمختلف العادات والتقاليد القديمة التي ترصد طقوس الأهالي قديما في العديد، من أنماط الحياة اليومية، كما تعرض القرية مقتنيات تراثية عمرها أكثر من 300عام، تنوعت بين الفخاريات والأواني النحاسية والمعدنية والأدوات المنزلية المصنوعة من سعف النخيل، إلى جانب الأسلحة القديمة والآلات الموسيقية المصنوعة يدوياً فضلاً عن الأدوات الزراعية وأدوات الخياطة التي كانت تستخدم في الماضي وبعض مقتنيات أهل الجبال وأهل البحر وأهل الصحراء.
عادات وتقاليد
ويتردد على قرية التراث بالفجيرة منذ افتتاحها، جنسيات عربية وأجنبية، بالإضافة إلى أبناء الإمارات، للتعرف الى العادات والتقاليد القديمة وكيفية الحياة القديمة للأهالي، وأساليب العيش، خاصة أن هناك العديد من كبار السن، الذين يتواجدون في القرية، يشرحون للزوار تلك العادات والتقاليد القديمة، ونماذج الحياة التقليدية للأهالي، وقد عبّر الكثير منهم عن سعادتهم للنماذج والمقتنيات والأدوات التراثية الموجودة في القرية، والتي تُمثّل نمط الحياة في العهود الماضية، خاصة تلك النماذج من سكن أهل الجبال وأهل البادية وأهل البحر.
السائحة الأجنبية فيرنوك كويسنون تقول: سعدت كثيرا عند زيارتي للقرية التراثية حيث إنني شعرت بجمال العيش في الماضي لأهل الإمارات، وكل شيء أعجبني في محتويات وأركان القرية، متمنية الزيارة مرة أخرى إلى تلك القرية لأنها بالفعل جميلة جداً، والتجول فيها يجعلك في متعة واستمتاع لا يوصف.
المواطنة ليلى راشد آل علي تقول: من خلال زياراتي المستمرة للقرية، نظرا لقربها من مكان سكني، أشاهد أن هناك أعداداً كبيرة من الزوار يتفقدون القرية، ويبدون إعجابهم بما يرونه من تجسيد لواقع الإنسان الإماراتي قديماً، حيث إن القرية استطاعت بكل ما تحتويه أن تنقل صورة صادقة ومعبرة لحياة أهل الإمارات في الماضي، كما أنها اشتملت على كل جوانب الحياة القديمة للهم، بصورة حقيقية.
المواطن علي البريكي يقول: كل الشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، لاهتمامه الكبير بالتراث وتوجهاته الحكيمة التي أمر بها لإنشاء قرية تراث متكاملة العناصر منذ العام 1997، ومنذ تلك الفترة أصحبت القرية التراثية تهدف إلى الارتباط بالماضي الجميل والجهود الجبارة التي أنفقها الآباء والأجداد على هذه الأرض الطيبة وترسيخ تلك القيم والمفاهيم في ذاكرة الأجيال الصاعدة، وبفضل اهتمام حاكم الفجيرة، أصبحت القرية موقعاً سياحياً تراثياً يتردد عليه الزوار من داخل وخارج الإمارة.
أما السائح العربي يونس علي فيقول: لم أر من قبل تراثاً عريقاً مثل المقتنيات والأدوات والأركان التراثية بالقرية التراثية بالفجيرة، حيث إنها تجعلك تعيش الماضي والحياة الشعبية الإماراتية القديمة، كما أنها تعرف الزائر بكيفية حياه أهالي الإمارات قديما، ونماذج حياتهم اليومية في الماضي، مشيداً باهتمام حكومة الفجيرة بالمحافظة على التراث والمواقع التاريخية والأثرية، وأكثر ما أعجبني في القرية هي طريقة استخراج المياه من الآبار القديمة بواسطة اليازره والثور.
هوية إماراتية
أشار سعيد السماحي إلى أن القرية تضم العديد من الأركان التراثية التي تشكل البيئة المحلية، وتعكس الهوية الإماراتية الأصيلة، منها: ركن البيوت القديمة المحلية، ويحتوي على مجموعة من المنازل التي بنيت على الطابع القديم بخاماتها القديمة نفسها من جص وطين وسعف النخيل وغيرها، من وسائل بناء كانت شائعة في الماضي، ويتضمن هذا الركن بيت العريش وبيت الكرين والخيمة وخيمة العسبق والصفة، مع العديد من المحتويات التي تعبر عن طريقة العيش في كل بيت والأدوات المنزلية المصنوعة من سعف النخيل، وركن المطبخ، ويحتوي على هيئة المطبخ قديماً، والعديد من أواني الطبخ التقليدية والكثير من الأواني النحاسية والمعدنية التي كان أجدادنا يستخدمونها في الطهي وحفظ الماء مثل: القدور القديمة والسعن والصناديق وقربة الماء والخابية وطاسة الرعبة.
وهناك أيضاً ركن المجسمات التراثية، ويضم العديد من المجسمات التي تعبر عن واقع الحياة قديماً وبساطة الحياة وأساليب الحياة قديماً، وركن الفخاريات والنحاسيات وركن الدكان القديم، الذي تقدم به التراثيات للزائر من ملابس وأدوات وأكلات شعبية وغيره، مؤكداً أن القرية منذ أن تأسست تحرص هيئة الفجيرة للسياحة والآثار على إقامة العديد من الورش التراثية والفعاليات التراثية والاحتفالات الوطنية والمهرجانات التراثية، التي تحظى باهتمام كبير من قبل الزوار والسياح والأهالي الذين يأتون للتعرف بالتاريخ العريق للمنطقة.
بيئات متنوعة
المواطن ياسر الحفيتي يقول: من خلال زيارتي للقرية وجدتها تحتضن بيئات تنوعت ما بين البحرية التي تحكي رواية ابن الإمارات وواقعه مع الحياة البحرية، وملامح الحياة الصحراوية والحياة الجبلية التي عاشها الأجداد والآباء قديما.
السائح الخليجي عبيد بن أحمد يقول : إن أكثر شي أعجبني من أركان القرية هو ركن الحكاوي الذي يهدف إلى تعريف أجيال اليوم بشموخ وتجارب أجدادهم لاستنباط العبر والحكم، إلى جانب ركن التداوي بالأعشاب الشعبية، مشيداً باهتمام دولة الإمارات بشكل عام وحكومة الفجيرة بشكل خاص بالمحافظة على التراث بشكل عام.
السائحة العربية مريم سفيان تقول: من خلال زيارتي للمره الأولى للقرية وجدتها وسيلة كبيرة للحفاظ على الهوية الوطنية، كونها الوعاء الحافظ للتراث، حيث إنها قرية تدعم مفردات العادات والتقاليد الشعبية في إمارة الفجيرة، كما أنها شعرت خلال جولتها بأركان القرية كأنها تعيش الماضي بكل مقوماته. حيث من خلالها تعرفت على الكثير من مقتنيات أهل البحر قديماً وأهل الجبال التي لم أشاهدها في حياتي إلا في القرية التراثية بالفجيرة.
كنوز بشرية
فاطمة المغني خبيرة التراث الشعبي تقول: القرية التراثية متميزة وتعبر عن الثوابت التراثية للحياة التراثية الإماراتية الاجتماعية والثقافية، التي يشعر الفرد بالسعادة عند الدخول إليها، وقد سبق لي زيارتها مرات عديدة والالتقاء بالكنوز البشرية من خبراء التراث الذين أشرفوا على بنائها، والحرفيات اللاتي يمتعن الزوار بإصرارهن على متابعة مزاولة مهن الأجداد، وتمثيل صعوبة الحياة ورسم التحديات المناخية بالصبر والإصرار، وتسهيل حب التراث للأجيال الحالية.
وأضافت المغني: إن القرية التراثية بالفجيرة تعد من أهم الأهداف التي سعت حكومة الفجيرة إلى إنشائها، لكي تصبح مزاراً سياحياً كبيراً، يتردد عليه الزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم، لكي يتعرفوا على تراث وتاريخ أهل الإمارات بشكل عام وأهل الفجيرة بشكل خاص، التي تعمل على غرس المحافظة على التراث في نفوس الأجيال الجديدة.
أما عن أركان القرية، فتقول المغني: تمثل كل البيئات الإماراتية، فللبحر طابعه الخاص في إمارة الفجيرة، حيث تنوعت طرق وأساليب الصيد، إلى جانب البيئة الزراعية، والبيوت التقليدية من عرشان الصيف، وخيام الشتاء.
بكر المحاسنة