ولد الشهيد هزاع راشد محمد الكعبي في منطقة الرفاع بمدينة دبا الفجيرة، عام 1994 في بيت مكون من 6 أفراد، وهو الشقيق الثالث بينهم، تربى في كنف والده راشد محمد صالح الكعبي المتقاعد السابق في القوات المسلحة، بعد أن خدم الوطن أكثر من 27 عاماً من 1978-2006، وفي حضن أمه مريم العلي من أهالي إمارة دبي.
اعتاد الشهيد هزاع الذي عرف بتواضعه الجم، قراءة القرآن الكريم دوماً في حياته، فكان يختار 16 سورة ويقرأها بقلب خاشع وذهن صافٍ، وكان يكثر من الذكر والاستغفار قبل أن ينام، وقد أدى مناسك العمرة أكثر من 10 مرات مع عائلته التي اعتادت خلال الإجازة السنوية للمدارس أن تقضي بضعة أيام في الأراضي المقدسة (مكة والمدينة).
تفوق دراسي
وجد الشهيد في التعليم والدراسة أساساً مهماً لتنمية معارفه وزيادة حصيلته من المعلومات، لم يكن النجاح هدفه فقط، إنما التفوق والحصول على أعلى الدرجات، واستطاع خلال مسيرة تعليمه أن يكون الطالب المتفوق، وظلت أمه تصفه بالمجتهد والنشيط، ففي مراحل الدراسة الابتدائية كان من أوائل الصف، وغالباً ما يحصل على الترتيب الأول أو الثاني بين زملائه، وله حضور جميل وسط مدرسيه، إذ يتعامل مع الجميع بحب واحترام، وقد أنهى مرحلته الثانوية في مدرسة حمد بن محمد الشرقي بالفجيرة (قسم أدبي)، وحصل على نسبة 85%.
شخصية نضالية
كانت بيئة الشهيد خصبة لتتشكل لديه الشخصية النضالية والوطنية، وهو الأمر الذي شجعه على الانضمام سنة 2003 إلى القوات المسلحة الإماراتية، وذلك بعد أن أنهى تعليمه الثانوي، من منطلق حب زرع بداخله وتأصل في سبيل خدمة الوطن والدفاع عنه وحمايته، فوجد فيه حلماً يمثل شخصيته التي تعبّر عن صفات الشجاعة والقوة والتضحية.
وصفه أقرباؤه ومن عرفه بالبشوش، فلا تكاد الابتسامة تفارق محياه، تجده دائم الضحك والابتسام حتى في المواقف الصعبة التي يتعرض لها، والتي يأخذها دوماً بسعة صدر رحب ويعالجها بهدوء وروية.
لحظة حماس
لحظة حماس شعرت بها العائلة لدى تلقي ابنها هزاع الموافقة على الانضمام إلى الجيش الإماراتي، والمشاركة في عملية إعادة الأمل على أرض اليمن لنصرة الحق، جهز نفسه وأعد عدته ووقف مودعاً أسرته يتملكه شعور بالفخر، شهران قضاها هزاع يحارب ضمن قوات التحالف العربي، كان في غاية السعادة والسرور، والمكالمات الهاتفية تدلل على حماسه للدفاع عن الحق ورفع راية النصر.
فارس محارب
الرابع عشر من سبتمبر 2015 كان يوماً عظيماً آخر من أيام التضحية والفداء، حيث سجلت الإمارات فيها شهيداً بطلاً من أبنائها، حين انضم هزاع إلى قافلة شهداء الإمارات الذي قضى بشجاعة ضد العدو على أرض اليمن الشقيق، لتعيدنا الذاكرة إلى لحظة ولادته وتسميته «هزاع» الذي يحمل معاني الشجاعة، ليجسد في هذا اليوم معنى اسمه، فيخلد في الأذهان بقوة فارس محارب لم يهب المعركة، بعد أن تقدم لها بقلب شجاع يدافع عن الحق ونصرته.
وتلقت أسرة الشهيد هزاع راشد محمد صالح الكعبي نبأ الاستشهاد بصبر وثبات، لينضم ابنها إلى ركب شهداء الوطن، إيماناً منها بقضاء الله وقدره، وفخراً باستشهاد ابنهم البطل في ساحات الشرف والعزة.
صلاة الجنازة
بعد أن وصل جثمان الشهيد هزاع إلى مطار البطين في أبوظبي بعد يومين من استشهاده على متن طائرة عسكرية تابعة للقوات الجوية والدفاع الجوي، أدت صلاة الجنازة على جثمانه بمسجد خالد بن سعد بمدينة دبا الفجيرة بعد صلاة العشاء، لتأخر وصول الجثمان إلى المدينة من جراء الأحوال الجوية السيئة التي سادت المنطقة آنذاك، حيث أدت جموع المصلين الصلاة عليه ليلاً، وشيع جثمانه الطاهر موكب مهيب، شارك فيه جميع أهالي المدينة وأهل الشهيد وأصدقاؤه وزملاؤه ورجال القوات المسلحة، وزفه الجميع عريساً إلى مثواه الأخير، ليوارى الثرى في مقبرة دبا الفجيرة.
عائشة الكعبي