أعجبني جداً فريق الفجيرة في أدائه الواثق والقوي أمام الجزيرة باستاد محمد بن زايد أمس الأول، فلم يدخل المباراة مرتعداً من الخوف، وهو يلاعب فريقاً بحجم الجزيرة، ولم يعتمد خطة الحوائط المرصوصة للدفاع وهو يخطو أولى خطواته بين الكبار، ولكننا وجدناه منضبطاً في الدفاع، سريعاً في التحول للهجوم، خطيراً على مرمى المنافس، لا يهاب التاريخ، ولم يشغل نفسه بحسابات الجغرافيا، ولم يستغرق لاعبوه في نظريات المنطق التي كانت تصب جميعها في صالح الجزيرة صاحب الأرض والجمهور .
وفي أغلب أوقات الشوط الثاني لو كان هناك مشجع قد تأخر في الحضور عن اللقاء، ثم دخل المباراة، لاختلط عليه الأمر، فلن يعرف من هو الجزيرة، ومن هو الفجيرة، على ضوء العطاء والجهد، فالاستحواذ كان في صالح الفجيرة، والفرص كانت أكثر للفجيرة، والخطورة والسرعة وعناصر الجمال والإثارة كانت في أغلبها للوافد الجديد على دوري الخليج العربي.
ومن جهتي كنت أتابع فريق الفجيرة منذ صعوده، إلى دوري الأضواء، وهو الذي أشعل سوق الانتقالات الصيفية بصفقات من العيار الثقيل، فقد عرف أنه سيلعب مع الكبار، ولابد أن يكون لديه أدوات قادرة على أن تفرض نفسها بينهم، وبالفعل فإن إدارته نجحت في ضم أسماء كبيرة بحجم أبوبكر سانجو، ومجيد بوقرة، وحسان يبدا، وحسن معتوق، وأسماء أخرى من اللاعبين المحليين، ثم تعاقدت مع مدرب قدير يعرف الكثير من أسرار دورينا هو عبد الوهاب عبد القادر.
أما عن أكثر ما أعجبني وأثار فضولي فهو هذا القرار الذي اتخذته إدارة شركة الكرة بالسفر إلى أبوظبي بالطائرة، من أجل إراحة اللاعبين، واختصار مسافة الطريق من 3 ساعات بالحافلة إلى نصف ساعة بالطائرة، وهو القرار الذي صب في صالح الفريق، ووفر عليه الجهد والوقت، وهي المبادرة التي تعكس قرب مسؤولي الشركة من اللاعبين والجهاز الفني، خصوصاً أننا لاحظنا وجود سمو الشيخ مكتوم بن حمد الشرقي رئيس مجلس إدارة النادي في منصة كبار الزوار يتابع اللاعبين، ويؤازرهم في واحدة من أهم المحطات.
وإذا ربطنا مسألة الطائرة والقدرة على الابتكار وتقديم الجديد لدى الإدارة، بمسألة صعود الفجيرة لأول مرة، واقتحامها لسوق الانتقالات بقوة، ونجاحها في استقطاب النجوم لتشكيل فريق يتعادل مع الجزيرة، يمكننا أن نرسم صورة ذهنية لفريق يطمح أن يكون كبيراً بين الكبار.
يبدو أن المشكلة الدفاعية في الجزيرة أصبحت من تقاليد دورينا، لأنها ما زالت موجودة، ويتوارثها المدربون واحداً تلو الآخر، من دون أن يتعامل معها، أو يضع لها نهاية، فحتى الفترة التي قضاها براجا مع الفريق كان الجزيرة يتلقى فيها أهدافاً كثيرة، لكنها لم تظهر على السطح، لأن الفريق كان يسجل أهدافاً أكثر، وبالتالي يحقق الفوز في النهاية، وعندما جاء جيريتس بخبراته وبطولاته كنا نتوقع أنه يملك مفاتيح الحل بيده، لكننا فوجئنا بأن الأخطاء الدفاعية ما زالت ساطعة، وكأنه لم يقترب منها.
آخر الكلامأن تضيء شمعة.
محمد البادع