رضاب فيصل : قد لا يسمع كثيرون ممن يعشقون الجولات السياحية في العالم، باسم “خورفكان” تلك المدينة أو البلدة التي تتكئ على أطراف إمارة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة على الساحل الشرقي المطل على خليج عمان. ففي حين تتصدر أبوظبي ودبي القائمة السياحة على الخارطة العالمية، تحتل خورفكان الوجهة الأساسية للباحثين عن الاستجمام والاسترخاء من سكان الدولة نفسها، المواطنين الإماراتيين منهم والوافدين المقيمين.
تمتلك خورفكان في تضاريسها، طبيعة جغرافية تميزها عن بقية الإمارات إلا إمارة الفجيرة التي تشبهها كثيراً، والتي يمكن الوصول إلى خورفكان كأحد الطرق الرئيسية من خلالها مباشرةً وسط مناظر رائعة من السلاسل الجبلية الضخمة ذات اللون البني الداكن المائل إلى الأسود.
ويذكر التاريخ أن الرحالة ابن بطوطة هو من أطلق عليها هذه التسمية لأنها عبارة عن خور على هيئة فكين (جبلين) يحيطان بها ويحميانها من كل المؤثرات الهوائية والرياح.
وتشكل خورفكان أجمل ميناء طبيعي على الساحل الشرقي المطل على مياه المحيط الهندي.
لحظة الوصول إلى خورفكان، يمكنك مشاهدة الطبيعة البكر بكل عناصرها مجتمعةً على الشاطئ، البحر، الجبل، قليل أو ملامح من الصحراء ممزوجةً بالخضرة والهواء النقي، رمالها بيضاء نقية ولامعة تحيطها الأشجار المتنوعة من غاف وحمضيات وسدر وغيرها.
وهو ما يفتح المجال أمام ممارسة الرياضات المختلفة والمتنوعة التي تناسب كل طبيعة على حدة، فمن السباحة إلى التجديف بالقوارب إلى ركوب الدراجات وتسلق الجبال، فضلاً عن التخييم والاستكشاف المفعم بالاستجمام والهدوء.
وعلى الكورنيش الرئيسي لمدينة تمتد الخيام التي نصبها الراغبون بقضاء وقت ممتع وهادئ بعيداً عن صخب المدينة، ليفتحوا عيونهم صباحاً على الجبال الشاهقة المطلة على البحر بالقرب من صحراء رملية.
الحكومة الإماراتية شقّت الطريق إلى خورفكان من جميع اتجاهاتها، بكامل الجودة والتنظيم المحترف، معتمدةً في تنظيمها على معايير السلامة الدولية للوصول إلى السلامة المرورية، وهي مهمة صعبة للغاية لا يمكن الاستهانة بها، باعتبار الطرق المعبد قد شقّت في الجبال نفسها، وضرورية في الوقت نفسه من أجل تعزيز لمدينة كوجهة سياحية أساسية.
من جانبٍ آخر، ومع أن خورفكان المدينة تحتوي على كافة الخدمات التي قد يحتاجها الزائر والسائح، إلا أنها تظلّ لا يمكن مقارنتها بتلك الموجودة في المعالم السياحية في دبي أو أبوظبي على سبيل المثال.
خدماتها متواضعة لا تليق بالمؤهلات السياحية التي تمتلكها. ثمة الكثير من المطاعم والفنادق، حدائق ومنتزهات، لكن ليست بالمستوى المطلوب، أو بمعنى آخر، لا يوجد ما هو بمثل روعة مناظرها وفخامة طبيعتها التي تضاهي أكثر المدن العالمية ذات التضاريس الرائعة.
إلى جانب ما تراه من البيوت الإماراتية القديمة والمهدم بعضها من قبل البلدية، كآثار شاهدة على ماضي المكان. كذلك توحي طرق الصيد التقليدية بالبيئة الاجتماعية التي تحكمها مهن وظروف اقتصادية معينة، عدا أنها بغاية الجمالية ضمن ترتيبها العشوائي الطبيعي جداً.
وبالحديث عن بعض التقصير الذي تلاقيه خورفكان كمكان سياحي يمكنه استقطاب سياح العالم، ثمة من زارها وأكّد أن تركها على هذا الحال، حيث أنها تشبه في أحيائها وشوارعها الرئيسية بلدة صغيرة، يجعلها أكثر سحراً ويمنحها جمالية خاصة مستوحاة من طيبة أهلها وساكنيها، تعكس بساطة حياتهم المعاكسة تماماً لنمط الحياة المعيشة لدى أهل المدن من سكان العمارات الشاهقة المبالغة في تطورها العمراني والتكنولوجي. ما يعني أننا فعلاً نتكلم هنا عن شيء يتعلق بالطبيعة البكر، التي لم يعبث بها الإنسان، لا سلباً ولا إيجاباً.
في السنوات الأخيرة، شهدت المدينة تطورات عمرانية ملحوظة، غيّرت في هيئتها الأولية بسبب إقامة بعض المنشآت العمرانية، الحكومية والخاصة. سواء تلك المعدة للسكن أم تلك المعدة للعمل والتعليم مثل جامعة الشارقة في خورفكان. بما يتناسب مع الزيادة السكنية التي باتت حقيقة واضحة في الفترة الماضية.
وتوجهت الأنظار نحوها كمدينة ملائمة لظروف السكن الهادئ والعمل الآمن من قبل بعض الوافدين في الدولة الذين كانوا يعملون في مدن وإمارات أخرى.
واليوم تستكمل الإجراءات للوصول بخورفكان نحو المزيد من الخدماتية والتنظيم اللازمين لكونها عروس الساحل الشرقي ومن أجمل موانئ الخليج العربي، ولتستطيع أن تكون في المستقبل مكاناً يجذب السياح من كل دول العالم وتستطيع أن تؤمن لهم كل ما يحتاجونه من فخامة الإقامة وحسن الضيافة، الشيء الذي يتناسب مع كل الطبقات والمستويات، الاجتماعية والمادية.