للأسبوع الثاني على التوالي يخطف الموت شاباً قضى نحبه غرقاً في رحلة استجمام تحولت إلى فاجعة، ليخلّف في نفوس أهله ومحبيه حزناً وحسرة لن تقوى مياه البحر البيضاء التي خطفته أمواجها على محوه، ما يدعو بدوره إلى القلق من السبب الذي يقف خلف تزايد حالات الغرق مؤخراً على شواطئ تغص بالمصطافين الذين يلجؤون إليها هرباً من الحر، والترفيه عن أنفسهم وممارسة رياضة أوصى ديننا الحنيف بتعليمها لأطفالنا.
الشاب ليس الضحية الأول في مسلسل الغرق الذي نخشى أن تطول حلقاته مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، وتوجيه معظم الأسر والأفراد بوصلة رحلاتهم صوب البحر، للتنعم بمياهه، إذ عرفت باكورة حلقاته تعرض 4 أشخاص من أسرة هندية للغرق أثناء السباحة في شاطئ البيت متوحد بأم القيوين بعد معاناتهم مع التيارات البحرية التي سحبتهم داخل البحر، ليتم إنقاذ ثلاثة منهم (الزوج والابن والابنة) بينما توفيت الزوجة عقب نقلها إلى المستشفى، فيما كان شاطئ الرمس في رأس الخيمة مسرح الحلقة الثانية حيث غرق شاب مواطن نتيجة ارتفاع وشدة الأمواج البحرية، بينما تم إنقاذ شابين آخرين في الموقع ذاته.
أمس الأول، كنا على موعد مع الحلقة الثالثة، حيث لولا لطف الله ويقظة فرق حرس السواحل والأجهزة الشرطية المختصة في القيادة العامة لشرطة الفجيرة، لكانت الفاجعة أكبر، بعد أن وجد شابان مواطنان في ريعان العمر نفسهما في مواجهة مباشرة مع بحر أصر على أن يخطف أحدهما، بعد أن عجز جسده الغض عن هزيمة يم وصفه أجدادنا بالغدار، إذ لا يلبث هدوؤه وسكون مياهه أن يتحولا إلى أمواج عاتية وتيارات قوية دون سابق إنذار، ليجد المرء نفسه في معركة حياة أو موت للوصول إلى بر النجاة، باذلاً كل ما أوتيه من قوة لهزيمة أمواج كفيلة بإغراقه عند مجرد ابتلاع قدر صغير من مياهها المالحة.
حوادث الغرق صيفاً ليست بالجديدة، إلا أن وتيرتها آخذة في ارتفاع، على الرغم من المناشدات الشرطية بضرورة أخذ الحيطة والحذر عند السباحة، ووجود منقذين على مختلف شواطئ الدولة، لتأمين سلامة مرتادي البحر، الذين يظن بعضهم أن بإمكانهم أن يعوموا كما يحلو لهم، ويضربوا بأيديهم للوصول إلى الأماكن العميقة، غير آبهين بصافرة المنقذ الذي لا يألو جهداً في ثنيهم عن فعلتهم الخطرة، التي قد يدفعون حياتهم ثمناً لها إذا خانتهم قدرتهم على السباحة والعودة إلى شاطئ يرونه قريباً إلا أن الوصول إليه يتطلب جهداً كبيراً.
نأمل أن تكون حادثة الفجيرة آخر حلقات مسلسل الغرق، وحتى تكون كذلك على مرتادي البحر الالتزام بالتعليمات والإرشادات والحذر عند السباحة وعدم مصارعة الأمواج كي لا تصرعهم.
مقال ابن الديرة – الخليج