قالت الروائية الشابة سلمى الحفيتي، الحاصلة على جائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع، فئة الرواية الإماراتية عن روايتها «تراب السماء»، إنَّها بدأت بكتابة الخاطرة كنوع من البوح الأدبي، حين التحقت بالجامعة، وساعدها على الكتابة تجمع الأدباء في «مواقع المنتديات الأدبية»، مشيرة إلى أنها وجدت أن ما تكتبه يلاقي استحساناً في تلك المنصة الافتراضية فشجعها هذا على الاستمرار.
وأضافت أنّها حينما بدأت الكتابة وقعت في الخطأ الذي يقع فيه أغلب الكتاب حيث لم تكن تحرص على القراءة، ولم يكن طموحها يتجاوز الكتابة بذاتية، فهي نشأت في بيت لا مكتبة فيه ولا قرّاء، لكنها كانت تدرك في داخلها أنها تجيد الكتابة وتملك قلماً مؤثراً، موضحة أنها تأثرت سلباً بقلة الدعم على كل الأصعدة، فالمدة بين اكتشاف موهبة الكتابة ونشر أول كتاب كانت 10 سنوات كاملة، لذا تسعى لدعم الكتاب الشباب من خلال مقهى الفجيرة الثقافي.
وأكدت أنَّها تأثرت في كتاباتها بجبران خليل جبران، حين أدركت أن أحد أهم دعائم الكتابة هي امتلاك الكاتب لغة يستلذ بها القارئ وهذا ما يميز الكاتب العربي عن نظيره الغربي، فمخزون الكاتب اللغوي وتوظيفه لأدوات اللغة بالإضافة لسلاسة الطرح هي مقياس قوة الكاتب العربي، أما عن المدارس الأدبية أوضحت أنها تتنقل بين المدرسة الرومانتيكية والواقعية رغم تصادمهما في الفكرة والأسلوب.
وعن النقد، قالت إنه أشبه بطرق الحديد، فإن لم يكن ساخناً كفاية لما تشكل بفعل الطرق، وهكذا الكاتب، إن بلغ من تعالي القلم درجة لا يستجيب لطرق النقد ولا يتغير، فربما يفقد الفرص في التشكل الأجمل، مؤكدة أنها تحترم النقد وتسعى إليه، وتستجيب لوجهات النظر المختلفة، لكنها تحافظ في الوقت ذاته على مبادئها الجوهرية في الكتابة، وتؤمن بأن قلمها لا يزال يحبو أمام أقلام الكبار.
وأشارت إلى أنَّها انتقلت في مسيرتها الأدبية بين أجناس عدة، فكتبت الشعر والخاطرة والقصة والمقالة وبقيت وفية للرواية لأنها وجدت فيها نفسها، لأن في اعتقادها هي نزف بطيء وتمنح الكاتب مساحة أكبر للتعبير، فالكاتب باستطاعته الجمع بين الحزن والفرح مثلاً في رواية ولا يستطيع الشاعر جمعهما في قصيدة، متابعة بأنها تعتقد أن اللغة التي تلامس القلب ويسهل فهم معانيها هي اللغة الأقرب للقارئ.
وقالت لدي إصدار بعنوان «رواية الأسيف» وهي تتحدث عن عُمر الطبيب المتخرج حديثا في كلية الطب في الموصل يلتقي بماضيه والقرية التي نشأ بعيداً عنها لتتطور الأحداث بعدها.
وعن آخر إصداراتها رواية «تراب السماء»، أكدت أنها استغرقت في كتابتها ما يقارب العامين، وقرأت الكثير من الكتب والمراجع لتجمع وتوظف كل المعلومات التي ذكرتها في الرواية.
وتتناول «تراب السماء»، فترة تاريخية مهمة من تاريخ الإمارات قبل قيام الاتحاد، وهي الفترة التي انتشر فيها وباء الطاعون في مطلع القرن الـ19، وعجز الأهالي عن السيطرة عليه أو التعامل معه إلا بوصفات بدائية لا يعرف لها مصدر، ساردة شخصية الأب «عبدالرحمن» والابن «غالب» الذي تتكثف فيه العقد منذ طفولته بسبب مقارنات المحيطين بينه وبين والده، فتجذب طاقته المتدنية المرتبطة بهذه العقدة من هي صورة طبق الأصل من والده «زوجته» ليعيش معها في الصراع الداخلي نفسه حتى يقرر الفرار من ذاته.
وتؤمن الحفيتي بأن الساحة الأدبية المحلية أصبحت تميز بين الغث والسمين، وأن النتاجات الأدبية ستغربل كلما ازداد وعي القراء، لأن قراء اليوم أصبحوا نخبويين، ويتطلعون إلى نص إبداعي يحرك مكامن الشعور، ويخاطب العقول قبل القلوب، مضيفة «نحن الكاتبات نجد كل الدعم اللازم لصقل مواهبنا.. أقول هذا من خلال تجربتي في إدارة مقهى الفجيرة الثقافي، واستضافة الكثير من الأدباء والأقلام الواعدة».
وأكدت أنها تنصح الكتاب الشباب بالاستفادة من الوقت الفائض بتنمية مواهبهم وصقلها بالقراءة للأقلام الرائدة التي خلدت على مر الزمن، كما أن الكاتب يجب أن يكون ملماً بالكثير من الجوانب ليتمكن من كتابة عمل متكامل متفرد عن سواه، فعدم حصر القراءة أو تأطيرها في مجال واحد مهم لاكتساب تلك الثقافة المتنوعة.
أحمد الشناوي