سعياً منها نحو توثيق الحركة التشكيلية في الإمارات، وتعزيزاً للوعي بالثقافة البصريّة، دشّنت جمعيّة الفجيرة الثقافية المتحف الرقمي للفن التشكيلي الإماراتي على تطبيق «إنستجرام»، ليكون منصّة تنشر إبداعات الفنانين الإماراتيين وتلقي الضوء على ما يختزن الوطن من مواهب فنيّة متميّزة.
إبداعات وطنية
وبحسب رئيس جمعية الفجيرة الثقافية خالد الظنحاني، فإنّ المتحف سيكون مرآةً للإبداعات الوطنية وصورةً تعكس مدى احترامنا للفن التشكيلي وعناية الدولة به وبمفرداته المتنوعة، والتي تعتبر من الفنون الحضاريّة لأيّ بلد.
وقال إنّ الرؤية كانت بأنّ نتوجّه إلى قطاعات الشباب لتعريفهم بالمنجز الفني الإماراتي، وخلق منصّة تواصلية مع الجمهور العربي والأجنبي لقراءة نتاجنا وإبداعات أبنائنا وروّاد الحركة التشكيلية في الإمارات، وتقديم مساحة خاصّة أيضاً للمواهب الشّابة لكي تنطلق نحو الإنجاز والثقة في مجال الفن التشكيلي، وبذلك تتعزز المساعي نحو أن تكون الإمارات وجهة فنيّة عالمية.
متحف فنّي رائد
ولفت الظنحاني إلى ما شهدته الإمارات من تقدّم وازدهار في الحركة التشكيليّة، بكلّ مفرداتها، مؤكّداً أنّ ذلك كان يقف وراءه اهتمام الدولة ودعمها المستمر لهذا الفن الحضاري العريق، ولذلك فقد هيّأ هذا الدعم الكريم من الدولة لأن نتوافر على أرشيف ونتاج نوعي وكمي أيضاً، ومن مختلف المدارس التشكيلية والأجيال والاتجاهات. ولهذا كلّه فقد تبوأت حركة التشكيل في الإمارات مكانةً مرموقةً، فأصبحت الإمارات واحدةً من أبرز المنصّات الفنيّة عربياً وعالمياً، وهو ما شجّعنا على أن نحتفي بهذه التجربة ونوليها العناية التي تستحق بتوثيقها من خلال متحف رقمي مفتوح على فضاءات العالم الافتراضي.
ورأى الظنحاني أنّ المتحف سيكون نواةً لمتحف فنّي رائد على أرض الواقع، وسيكون له أثره الثقافي فيما بعد. وقال إنّه تمّ تشكيل مجلس استشاري للمتحف كعمل منظّم يقوم بمهمة الإشراف على رسم الخطط والبرامج المستقبلية للمتحف وتقييم الأعمال الفنيّة قبل نشرها، حيث يضمّ نخبةً من الفنانين الإماراتيين المشهود لهم بالدأب والحضور في المجال التشكيلي، ذاكراً: الدكتورة نجاة مكي، وعزة القبيسي، وعبيد سرور، وخليل عبدالواحد، ومريم البلوشي، ومبارك محبوب.
أرشيف ثري
ومن جهتهم، بارك عدد من الفنانين التشكيليين هذا العمل الجاد كمنصّة احتفائيّة بقيم الجمال والإبداع الإماراتي، فقد وصفه الفنان التشكيلي خليل عبدالواحد بأنّه ضروريٌّ جداً، وهو جهد مهم لتيسير وتسهيل حركة الوصول للجمهور وجعلهم يتابعون أعمالنا، مما يكوّن لديهم أرشيفاً غنياً ومتنوّعاً، وفي الوقت ذاته يثري الثقافة التشكيلية على هذه المنصّة التي ستكون وسيطاً بين الفنان وجمهوره مما يكوّن في النهاية أرشيفاً يعود إليه المهتمون والباحثون والمتخصصون في مجال الفن التشكيلي في الإمارات ومن خارج الدولة.
ورأى عبدالواحد أنّ هذا العمل يمكن توسعته نظراً لأهميّته، متمنياً أن يتّسع ليشمل أعمالاً خليجيّة أيضاً تجعل منه وسيلة جمالية وبحثيّة مهمة يرتادها الدارسون والمهتمون بقراءة أوجه الفن الخليجي والإماراتي في سياق الخصوصيات والتقنيات والمقارنات.
معرض متنوع
كما أكّد الفنان التشكيلي عبيد سرور أهميّة ما يوفّره المتحف كنافذة إلكترونية على المنتج الفني الإماراتي، تتيح التواصل عبر معرض متنوع وثري من الإبداعات، وكفكرة ذهبيّة وذكيّة في أن نرتاد بكلّ سهولة ويسر معرضاً إلكترونياً للفنانين الإماراتيين، وهو ما يساعد في ازدهار ونموّ حركة الفن التشكيلي الوطني، بالتواصل ما بين هذه الأجيال والمدارس الفنيّة، ويسمح بتسويق الأعمال التشكيلية المحليّة إلى خارج الدولة.
حراك ثقافي مستدام
وأشاد المصوّر المحترف مبارك محبوب بالتجربة في جديّتها وأهميّتها وغناها وثرائها، متوقّعاً تفاعلاً كبيراً معها ونجاحاً لها في أوساط الفنانين والمثقفين، مباركاً هذا العصف الذهني والإبداعي الذي كان وراءها، وخاصةً أنّ التواصل الرقمي هذه الأيام له ميزات وفوائد كبيرة، ولاسيما في ظلّ وجود جائحة منعت المثقفين والناس من التواصل وزيارة الجاليريهات الفنية. ورأى أنّ هذا عمل ابتكاري يحقق لجمعية الفجيرة الثقافية نجاحاً متزايداً، خصوصاً في هذا المجال كخطوة رائدة وتوثيقية ينتظرها جميع الفنانين الرواد منهم والشباب بشوق كبير.
وقال إنّ المتحف الرقمي هو نواة لأفكار جديدة يمكن أن تُضاف إليها بسهولة، طالما كانت الفكرة الأم متوهّجة بحجم الطموح الذي كان سبباً في وجودها، مشيداً بالمسارات المبتكرة التي تنتهجها جمعية الفجيرة الثقافية لدعم طموحات المبدعين الإماراتيين، وتمكينهم وتهيئة بنية تحتية تخدم جهودهم في خلق حراك ثقافي فعال ومستدام.
قراءة الأعمال
وأشادت د. نجاة مكي بفكرة المتحف الرقمي الممتاز، مؤكّدةً أننا بحاجة شديدة كفنانين ومثقفين إلى أفكار جديدة ترفد الحركة التشكيلية الإماراتيّة وتسهم في إظهار الفن الإماراتي وازدهاره، ليكون هذا المتحف قدوةً وفكرةً جميلةً تستحق الثناء لما تشتمل عليه من بناء رقمي تشكيلي يقوم على معايير وأسس فنية لها حضورها في المشهد الفني التشكيلي. وقالت إنّ إقبال الفنان الإماراتي على هذه المنصّة سيكون مشهوداً وسنتعرّف على أعمال جديرة بالمناقشة بوصفها أعمالاً احترافيّة.
ومن ناحية أخرى سنكون أمام أعمال شبابيّة تمتلك مبررات استمرارها واحترام وجودها ودعمها وتوجيهها لتثمر في المستقبل القريب عن أعمال تشارك في منصّات عربية وعالمية وتمثّل نشأة شبابنا على الإبداع والابتكار في عالم التشكيل بكلّ مفرداته. ورأت مكي أنّ مجرّد توفير الأعمال سيتيح للنقاد والباحثين قراءة أوجه الإبداع والمقارنة بينها، وهو ما يجعلنا نتشوّق إلى المزيد من الأفكار التي تبنى على هذه المنصّة، في التحليل والنقد والوصف وما إلى ذلك مما يجعلنا أمام حياة تشكيلية ممتعة لا تقل أهميّةً عن أيّ معرض مادّي يحضره الناس، وذلك لتوفّر اللوحة ومعلوماتها ولسهولة الوصول إليها ولإمكانية قراءة تفاصيلها ومعالمها.
محمد عبدالسميع