ناقش مسرح الفجيرة هموم وقضايا المسرح الإماراتي والتحديات التي تواجه ازجهاره والحلول للارتقاء بالعمل المسرحي، مسلطاً الضوء حول أهمية عقد الندوات الورش التي تُعنى بالمسرح في الإمارة وسبل تطويره وإنتاج أعمال مسرحية بمشاركة الشباب الإماراتي والموهوبين وأن لا يقتصر المسرح على المشاركة في المهرجانات المحلية والعالمية، وضرورة إنشاء مؤسسة اتحادية رسمية تهتم بكافة الجوانب المتعلقة بالمسرح.
كان ذلك خلال جلسة رمضانية نظمها مسرح الفجيرة في مقره مساء أمس الاثنين، بحضور الشيخ أحمد بن حمد بن سيف الشرقي، وسعادة شريف حبيب العوضي رئيس مجلس إدارة المسرح وأعضاءه ، وتحدث فيها المؤلف المسرحي الدكتور سليمان الجاسم، والمخرج المؤلف عمر غباش، والمدير التنفيذي لهيئة الفجيرة للثقافة والإعلام فيصل جواد، وأدار الجلسة الإعلامي سمير البلوشي.
وعلى هامش الجلسة، تم عرض بروفات لمسرحية العيد التي سيقيمها المسرح بعنوان “جمب بليلة”، بحضور الشيخ أحمد بن حمد بن سيف الشرقي.
وفي بداية الجلسة أكد الإعلامي سمير البلوشي أن مسرح الفجيرة أضحى مسكناً وحاضناً للشباب حيث مكّنهم من أن يبدعوا، وساهم في اكتشاف مواهبهم، وأنه وبما يواجهه من تحديات استطاع أن يثبت مكانته الداعمة لفئة الشباب، وأنه منذ انطلاقته في الخمسينيات بدأ يخطو خطوات سديدة نحو التطور، فقدم العديد من الانجازات وحقق العديد من التطلعات التي يطمح لها، وأشارالبلوشي بأن الشباب الإماراتي بحاجة إلى التعاون يداً بيد للإسهام في إحداث نقلة نوعية ذات أثر ملحوظ للمسرح على الصعيد المحلي والعالمي.
ومن جهته، استعرض المؤلف سليمان الجاسم تاريخ المسرح في الإمارات منذ بداياته في العام 1950م في مدرسة القاسمية في الشارقة، مشيراً أن المسرح في الإمارات قد تطور عبر المسرح المدرسي حيث كان الحضور جيداً من المدرسين والطلاب، وفي العام 1971 م مع قيام الدولة بلغ المسرح ذروته من الاشتهار والانتشار نظراً للاهتمام الكبير الذي أولته القيادة آنذاك بالمسرح، حيث اهتم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان “طيب الله ثراه”، بالمسرح وأن يقدم شتى أنواع الفنون التراثية منها والتقليدية بقالب عصري، وقد ساهم المسرح آنذاك بحل العديد من المشكلات وساهم في علاج العديد من الجوانب السلبية المجتمعية، وكان قد أُسِّس للعروض المسرحية محليا وعالميا، وكان الداعم في ذلك أن الجمهور كان متعطشاً للمسرح.
واستطرد الجاسم: “في الفجيرة لم يكن التلفاز والصحف والجرائد تصل للعامة، فمن هنا جاءت الفكرة لعمل حراك ثقافي يُحدث نقلة نوعية في المسرح، أنشأنا جمعية الفجيرة للفنون الشعبية ثم أطلقنا عليها جمعية الفجيرة للفنون الشعبية والمسرح، والمسرح لم يكن يسع لأعداد كبيرة من الجمهور فواجهتنا ضائقة المكان، وكان هناك مركز الشباب وهو عبارة عن قاعة تمارس فيها الأنشطة الرياضية، فقمنا بتطويره وعرضنا فيه مسرحيات خلقت نشاطاً وازدحاماً، ويرجع التطور في المسرح في الفجيرة إلى الاهتمام والدعم اللامحدود للقيادة الرشيدة، وحين تم الاتفاق على تسمية المسرح في الفجيرة مسرح الفجيبرة القومي أدى ذلك إلى استقطاب مسارح من دول عربية وهذا ماخلق حراكاً ثقافي”.
من ناحية أخرى، أكد المخرج المسرحي والمؤلف عمر غباش، بأن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الممثل المسرحي لها جانب إيجابي وآخر سلبي، موضحاً أن استخدام الفنان المسرحي لمواقع التواصل يمكن أن يوصل أفكاره للجمهور، ويسهم في إضافة أفكار جديدة، أما الجوانب السلبية فأشار بأنها تظهر جلياً في مشاهير السوشيال ميديا، الذين يقدمون نماذج في بعض الأحيان لاترقى إلى التفكير الإيجابي والمنطقي، وقال غباش: “يفترض أن يكون هناك جانب للحرية مع وجود شعور وإحساس ومعرفة لأن هناك حدوداً معينة للعادات والتقاليد يجب أخذها بعين الاعتبار”، وأكد غباش ضرورة إعادة النظر في الجوانب التي يمكن تطويرها في المسرح الإماراتي، مشيراً أن دعم حكومة الفجيرة للمسرح كان نتاجه ازدهار المهرجانات في الإمارة، وأن المسرح ومع وجود كل هذه المعوقات استطاع أن يخطو خطواته نحو التطور.
وقال الأستاذ فيصل جواد: “لاجدل في أن المهرجانات في دولة الإمارات تشهد زخماً وانتشاراً واسعاً، فهناك العديد من المهرجانات التي يشار لها بالبنان والتي تلقي الضوء على المسرح، لكن المسرح ليس مجرد إسقاط فرض، فهو ظاهرة ثقافية أنتجها المجتمع بفعل الحاجة للارتقاء بالذائقة الفنية، وهناك شواهد كثيرة على ذلك، والنص المكتوب يفرض سلطة تمتد لتنفذ إلى روح المتلقي والذي يعيد صياغتها من مخياله الخاص ويعيد إنتاجه، وهناك عوامل كثيرة تؤثر في إنجاح النصوص إلى أن تتحول إلى نتاج بصري، فالذائقة البصرية هي تراكم مشاهدات وامتداد في الوعي الثقافي، والمسرح في الإمارات قدم أعمالا مسرحية مميزة، لكن من الضروري بمكان أن يكون المسرح في الفجيرة مسرحاً تجريبياً تقام فيه مسرحيات متنوعة، فنحن بحاجة إلى أن نهتم بالمسرح لنتحرر من ظاهرة انحسار الجمهور على المسرح ونعلم أبناءنا الوله ونحيي فيهم عنصر التشويق له”.
ودعا جواد إلى أن تكون البداية في الانطلاقة القوية والمؤثرة للمسرح من الفجيرة بأن يتم تقديم تجارب مسرحية مختلفة، والاهتمام بالموهوبين والتخلي عن الاهتمام البالغ بالجوانب المادية ليزدهر المسرح، مشيراً أن المسرح أصبح به وجوه متشابه وقليل آخر مصادفة، ما استوجب ضرورة تأسيس جمهور عريض للمسرح والبحث عن الوسطية والبعد عن الاسقاط.
وأكد رئيس مجلس إدارة مسرح الفجيرة شريف العوضي، أن المسرح في الفجيرة بما يتلقاه من دعم من القيادة الرشيدة وبدعم خاص من سمو الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، بصدد إقامة العديد من التطورات والأعمال المسرحية التي تسمو بالمسرح في الفجيرة، وعقد شراكات مع كتاب ومؤلفين ما من شأنه أن يخلق منهجية جديدة تعيد الحركة المسرحية في الإمارة وترقى بالمسرح.
وفي ختام الجلسة، كرم الشيخ أحمد بن حمد بن سيف الشرقي المتحدثين خلال الجلسة.