افتتح سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة ، المؤتمر العربي السادس للاستثمار في الأمن الغذائي الذى بدأت أعماله الرعاية الكريمة لصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الفجيرة – حفظه الله ، في فندق نوفوتيل الفجيرة صباح اليوم ، تحت شعار ( الزراعة الذكية خيار وآعد للعالم العربي ) .
حضر المؤتمر معالي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية ومعالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودى وزير التغير المناخي والبيئة ومعالي الدكتور خالد حنفي الأمين العام لاتحاد الدول العربية وسعادة محمد بن عبيد المزروعي رئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي وسعادة فايز المطيري مدير عام منظمة العمل العربية وعدد من المعالي الوزراء والسفراء والقناصل للدول العربية والأجنبية المعتمدين لدي دولة الإمارات وأصحاب الأعمال وخبراء من المنظمات الاقليمية والدولية ذات الاهتمام بالأمن الغذائي.
وألقي سعادة خليفة خميس مطر الكعبي
أعرب في مستهلها عن شكره وتقديرة لصاحب السمو حاكم الفجيرة لشموله المؤتمر برعايته ولما يوليه من اهتمام بشأن تحقيق الأمن الغذائي العربي والقضايا العربية عامة، وقال إن المؤتمر يهدف إلى القاء الضوء على أهمية الاستثمار في الزراعة الذكية لكونها تركز على الاستغلال الأمثل للزراعة على أقل مساحة من الأرض وأقل كمية من المياه للحصول على أفضل إنتاج من المحاصيل، مما يجعلها خياراً مستقبلياً واعداً للعالم العربي لتحقيق إنتاج زراعي مستدام ومواجهة مشكلات محدودية الموارد والتغير المناخي التي تواجه القطاعات الزراعية في الدول العربية ،ارتكازاً على العلم والتكنولوجيا والريادة والابتكار .
وأضاف الكعبي إن أزمة الأمن الغذائي قضية عامة على مستوى العالم ، مشيراً إلى أن واقع الأمن الغذائي العربي يكشف عن وجود حالة عجز غذائي ، وأنه حسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ، يصل ما تستورده الدول اللعربية من القمح فقط الى 41 مليون طناً، كما تستورد الدول العربية 70% من احتياجاتها من السكر، و60% من الزيوت النباتية، و45% من البقوليات. وقد تصل قيمة سد الفجوة الغذائية العربية إلى 53 مليار دولار بحلول 2020، وترتفع إلى 60 ملياراً عام 2030 مدفوعة بالزيادة السكانية .
وقال رئيس غرفة الفجيرة: “إن قيادتنا الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة – حفظه الله – تضع الأمن الغذائي المستقبلي كقضية محورية ، الأمر الذي أثمر عن تعاون وثيق بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة ذات الصلة في سبيل تحقيق مستهدفات الأمن الغذائي المستقبلي، من خلال منظومة متكاملة من العمل المشترك، وتتواصل الجهود سعياً إلى تعزيز الثروة الزراعية، من خلال إصدار التشريعات والقرارات المتعلقة بها ، فضلاً عن العمل على اعتماد استراتيجيات وبرامج ومبادرات، من شأنها زيادة جودة الإنتاج الزراعي، ودعم المزارعين وتحقيق الأمن الغذائي”.
وقال معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة بدولة الإمارات العربية المتحدة في كلمته أمام المؤتمر أن الزراعة الذكية تعتبر أحد أفضل الأنظمة لتحقيق الأمن الغذائي العربي، ونوه إلى أهمية ربط هذا النوع من الزراعة بالمناخ بحيث تكون الزراعة ذكية مناخيا وهو المصطلح المتداول دوليا، حيث تعتبرها منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) نهجا يساهم في توجيه الإجراءات اللازمة لتحويل وإعادة توجيه النظم الزراعية لدعم التنمية بصورة فعالة وضمان الأمن الغذائي في وجود مناخ متغير.
وأكد معالي الوزير أن المنطقة العربية، وبشكل خاص دولة الإمارات العربية المتحدة، تبنت مفهوم الزراعة الذكية مناخيا منذ زمن طويل. ويتجلى ذلك من خلال اهتمامات القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) في تطوير الزراعة وزيادة مساحة الغطاء الأخضر في ظل بيئة صحراوية جافة، معتمدا في ذلك على إدراكه المتكامل للمناخ وارتباطه بالزراعة وإيمانه بأنه يمكن تحقيق أي شيئ إذا توفرت الإرادة.
وقال معالي: ” لقد كان الشيخ زايد يقرأ الطبيعة، وهذا سمح له “بالإصغاء إلى الأرض”. ومتسلحا بقوة الإرادة، نجح المغفور له في الحد من زحف الصحاري، وزيادة خصوبة الأراض ي، وازدهار الزراعة، وخاصة في الواحات، مثل واحة ليوا”
من جانبه قال معالي الدكتور خالد حنفي الأمين العام لاتحاد الغرف العربية أن نحو 33 مليون شخص في المنطقة العربية يعانون من نقص الغذاء ودعا إلى أهمية النظر إلى قضية الأمن الغذائي بمنظور شامل . وأشار الى أن فاقد المنطقة العربية من الهدر اللوجستي في الزراعة تعادل ما بين 30 – 40 %. ودعا الي اهمية التحرك بشكل عملي للتوجه نحو تحالف استراتيجي عربي لتحيق الأمن الغذائي العربي.
وخاطب المؤتمر سعادة محمد بن عبيد المزروعي ، رئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي حيث استعرض دور الهيئة في مجال الاستثمار الزراعي مشيراً إلى أن لدي الهيئة 44 مشروعاً موزعة في ؟أنحاء الوطن العري وقال أن الهيئة تستخدم منذ وقت طوي التقانات الحديثة في مجال الزراعة. وقال أن قيمة الفجوة الغذائية العربية بلغت نحو 33 مليار دولار امريكي عام 2017.
وخاطب المؤتمر معالي خوزيه غرازيانو داس يلفا المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ( فاو ) بكلمة متلفزة حيث أوضح أن 821 مليون إنسان يعانون من الجوع في العالم الآن بما يعادل 11% من تعداد سكان العالم. وفي إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، هناك 52 مليون إنسان يعانون من سوء التغذية، وهو مستوى غير مسبوق بالنسبة لهذه المنطقة. وفي البلدان المتأثرة بالنزاعات، هناك شخص واحد من بين كل أربعة أشخاص يعانون من المجاعة. ونوه بأهمية استغلال الطاقات المتنامية للتكنولوجيا والابتكارات في القطاعات الزراعية، دمج الشباب في تنمية المناطق الريفية.
وخاطب الجلسة الافتتاحية معالي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية وقال في كلمته : “إن العالم العربي هو أكبر منطقة عجز غذائي في العالم.. إذ نستورد نحو نصف احتياجاتنا من الغذاء.. وتصل نسب واردات الحبوب، وهي مكون استراتيجي في سلة الغذاء العربية، في بعض الدول إلى 70% وأكثر من الاستهلاك المحلي .. وتتصدر الدول العربية قائمة أكبر مستوردي اللحم، كما أن مصر هي أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم. وأشار إلى أن الأزمة ليست جديدة.. وقد تنبهت لها الحكومات العربية في العقود الماضية.. وتطرق إلى الزيادة السكانيةا في الوطن العربي مشيراً الي أن وارتفاع مستويات الدخول، مع تراجع الانتاج الزراعي أسهمت جميعاً في اتساع الفجوة على نحو متسارع ومخيف ..وقال : “لقد زاد عدد سكان المنطقة العربية من 100 مليوناً في 1960، إلى نحو 300 مليوناً في 2006.. ومن المتوقع أن يصل سكان العالم العربي إلى 600 مليوناً في 2050، فإذا أضفنا إلى ذلك تحدي الشح المائي الذي تواجهه المنطقة العربية التي يصلها 1% فقط من موارد المياه العذبة في العالم، نجد أنفسنا أمام سيناريوهات لا أقول إنها كارثية، وإنما تدعو إلى التدبر والاستعداد حفاظاً على البقاء وصوناً للحضارة والعمران”.
التكريم
عقب ذلك قام سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة بتكريم أصحاب المعالي والسعادة أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة وومعالي الدكتور خالد حنفي الأمين العام لاتحاد الغرف العربية وسعيد محمد الرقباني وزير الزراعة والثروة السمكية الأسبق بالدولة والدكتور محمد سعيد الكندي وزير البيئة والمياه الأسبق ومحمد عبيد المزروعي رئيس الهيئة العربية للانماء والاستثمار الزراعي ، كما كرم سموه المؤسسات والجهات الراعية للمؤتمر، ومن ثم تسلم سموه درع تذكاري من غرفة تجارة وصناعة الفجيرة .
مناقشة اوراق العمل
وتم خلال المؤتمر تقديم 26 ورقة عمل حول حزمة من المحاور الرئيسة المشروعات العالمية والمبادرات الزراعية الرائدة لدولة الإمارات العربية المتحدة ، آليات ومجالات التمويل التي يحتاجها القطاع الخاص للاستثمار في التحديث والاستدامة ، الزراعة الذكية والتكنولوجيا والبحث العلمي لتطوير انتاج وتصنيع الغذاء والمشروبات ، دور القطاع الخاص العربي في تعزيز الجودة والسلامة في القطاعات الغذائية وزيادة الرقعة الخضراء ومكافحة التصحر التحديات والفرص،حيث شارك في تقديمها ومناقشاتها نخبة من المسؤولين وخبراء من الدول العربية والمنظمات العربية والإقليمية والدولية المعنية بشؤون التنمية الزراعية الذكية والمستدامة والتصنيع والأمن الغذائي.
توصيات المؤتمر
في ضوء كلمات الافتتاح وأوراق العمل والمداخلات التي تمت ، أمن المشاركون في المؤتمر على أن تعزيز الإرادة السياسية العربية والتعاون العربي في مجال الموارد المائية والزراعية يشكلان الأساس الإرتكازي لتحقيق الأمن الغذائي العربي، مؤكدين على أنه ” لا أمن غذائي إلا بوجود أمن مائي “.
ودعا مشاركون في التوصيات التي صدرت عن المؤتمر، إلى توحيد الجهود لمجابهة التحديات البيئية والمائية وتدهور الأراضي الزراعية واتساع رقعة التصحر والتغيرات المناخية وغيرها من التحديات والمعوقات التي تعترض مسيرة التنمية الزراعية المستدامة، وأوصوا بإقامة مشاريع مشتركة كبيرة الحجم في مجال الزراعة والصناعات الغذائية يتم توطينها بالدول العربية وفقاً للميزات النسبية.
وأوصى المشاركون في المؤتمر كذلك بإنفاذ المبادرات العربية في مجال تحقيق الأمن الغذائي وخاصة مبادرة فخامة الرئيس السوداني عمر البشير التي تبنتها القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية بالرياض في يناير 2013 لاسيما وأن السودان يمتلك أراضي شاسعة صالحة للزراعة ومصادر متنوعة للمياه وموارد بشرية مدربة في مجال الزراعة وحصاد المياه.
كما أوصوا بأهمية التحول نحو الزراعة الذكية المستدامة والتي تعتمد على العلم والتكنولوجيا وتستخدم أحدث تقنيات الإنتاج وتقدم أفضل الحلول الذكية لقضية الأمن الغذائي، إذ أنها توفر 90 % من المياه المستخدمة وتحقق الاستغلال الأمثل للمساحات المزروعة وتسهم في مضاعفة حجم الإنتاج ( 4 مرات ) وتوفير إنتاج الخضروات والفواكه على مدار العام ، فضلاً عن عدم استخدام المبيدات الحشرية وتقليل الانبعاث الكربوني.
كما أوصى المشاركون في المؤتمر بتطوير مؤسسات التمويل لمشاريع حصاد المياه والقطاع الزراعي وقطاع الصناعات الغذائية وتطوير قدرات مؤسسات القطاع الخاص الفنية والإدارية لزيادة مساهمتها في دعم الأمن الغذائي، وواوصواكذلك بزيادة الاستثمار في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة بمشاركة فاعلة من للقطاع الخاص ، كما أوصوا بالتوسع في استخداماتها في مشاريع الأمن الغذائي الزراعية والصناعية .
تأكيداً على أهمية الدور الحيوي للقطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية أوصى المشاركون في المؤتمر بتوفير المناخ الملائم للإستثمار في مجال مشاريع الأمن الغذائي وتحفيزه للقيام بمسؤولياته في تمويل البحث العلمي وتعزيز الجودة والسلامة في القطاعات الغذائية ودعم العمل العربي المشترك.إزالة المعوقات التي تواجه التجارة البينية في مجال منتجات الأمن الغذائي (المنتجات الزراعية والغذائية) وتشجيع إنشاء شركات للنقل البري والبحري لتعزيز هذه التجارة والتعاون على تخفيض تكاليف النقل لزيادة الكفاءة التجارية.
وفي إطار تعزيز المسؤولية المجتمعية للشركات الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية والصناعات الغذائية ، أوصى المشاركون في المؤتمر بتعزيز دور هذه الشركات في تنمية المجتمعات التي تقوم فيها لتكون شريكاً أساسياً في التنمية الشاملة والمستدامة.
وأشاد المشاركون في المؤتمر بالتجربة الزراعية الحكيمة للشيخ / زايد بن سلطان آل نيهان ” طيب الله ثراه “، كما أشادوا بما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة من إنجازات ضخمة في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر والأمن الغذائي المستدام عبر التركيز على تبني أنماط للزراعة ذات الاستهلاك المنخفض للمياه مثل الزراعة المائية والزراعة العضوية للمحاصيل الملائمة للتربة والتغيرات المناخية.
وقال سعادة خالد محمد الجاسم مدير عام غرفة الفجيرة أن إنعقاد هذا المؤتمر في دولة الإمارات العربية المتحدة جاء في إطار ما حققته من إنجازات متنوعة من خلال رؤيتها التنموية المستقبلية 20121 في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق الأمن الغذائي المستدام عبر التركيز على تبني الأنماط الزراعية المستدامة وذات الاستهلاك المنخفض للمياه كالزراعة المائية والزراعة العضوية ، ودعم البحوث والتجارب الفنية للمحاصيل الملائمة لطبيعة التربة والمناخ.
كما جاء انعقاد المؤتمر في إمارة الفجيرة بعد النجاح الذي حققه المؤتمر العربي الخامس للاستثمار في الأمن الغذائي والذي عُقد تحت الرعاية الكريمة لصاحب السمو الشيخ / حمد بن محمد الشرقي ، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الفجيرة ” حفظه الله ” وحقق تطوراً نوعياً في توسيع إدراك مجتمع الأعمال العربي بالإمكانيات الزراعية في الوطن العربي مما يجعل من قضية التنمية الزراعية المستدامة أمراً مصيرياً.