بعد 36 مولوداً من الذكور والإناث، آخرهم صالح الذي أنجبه، وهو في السادسة والسبعين من العمر، ينصح المواطن أحمد البلوشي من أبناء خورفكان، شباب اليوم بالاكتفاء بطفلين أو ثلاثة على الأكثر لكثرة الأعباء المعيشية وصعوبة الحياة في وقتنا الحالي.
الشارقة 24- وليد الشيخ:
بشغف وقلق وانتظار، استقبل الرجل مولوده الجديد “صالح”، وسط فيض من المشاعر التي تخامر أي زوج ينتظر مولوده.
إلى هنا قد يبدو المشهد مشهداً طبيعياً، والمشاعر مشاعر فطرية، لكن يا ترى، ما السر في أن تخامرك كل تلك العواطف وأنت تنتظر مولودك الـ 36، وقد بلغت من العمر 76 عاماً!
“صالح” هو الطفل الـ 36 للمواطن أحمد البلوشي، والذي وصل إلى الدنيا قبل أيام قليلة ليضفي على البلوشي مصدر سعادة جديد يضاف إلى رصيده من المصادر التي لا يمل منها.
المواطن البلوشي أحد أبناء مدينة خورفكان، ويبلغ من العمر 76 عاماً.. رجل فارع الطول، ممشوق القوام، خفيف الظل، لا توحي لك ملامحه بأنه بلغ من العمر عتيا، فهو رجل سعيد، والسعادة تجدد شباب القلب، أما شباب الجسد فله قصة أخرى.
التقيت الرجل مصادفة في إحدى الدوائر الحكومية بمسقط رأسه، مدينة خورفكان، خلال محاولته العثور على طريقة لتدبير منزل رابع يكفي متطلباته.
باغته بالسؤال.. ما سر سعادتك، ليجيب: “زينة الحياة الدنيا، رزقني الله صالح قبل أيام، وهو طفلي الـ 36”.
عدت إلى السؤال.. لماذا كل هذا العدد؟ ليفصل الرجل الحكاية: “تزوجت للمرة الأولى وعمري 19 عاماً، ووصل عدد زيجاتي إلى 7 مرات، والآن في عصمتي 4 زوجات”.
وأضاف: الأطفال رزق من الله، وهم من زينة الحياة الدنيا، وكنا قديماً نعتبر كثرة الأبناء من عوامل فخر الرجل، وكنت في البدايات مع كل طفل أرزق به، أشعر بسعادة منقطعة النظير، واستمر هذا مع وصول عدد أبنائي إلى 36، 18 من الذكور و18 من الإناث.
لا يرى البلوشي أن الأبناء مصدر الفخر فحسب، بل هم سبب السعادة في الحياة.. بدهشة سألته مرة أخرى، وماذا عن أعباء الحياة في ظل هذا العدد؟
قال الرجل: “إن الحياة قديماً كانت أسهل وأبسط مما هي عليه الآن، وأتحدث في مسيرة بدأت منذ نحو 60 عاماً، فأبنائي اليوم، أصبحوا رجالاً وسيدات، ولديهم أبناء وأحفاد.. ولم تكن متطلبات الحياة معقدة مثل أيامنا هذه”.
وينوه إلى أنه بكل تأكيد واجه صعوبات طبيعية في مسيرة تربية أبنائه، تمثلت في توفير منزل لكل زوجة وأبنائها.. ضاحكاً قال: “قضيت الكثير من حياتي في بناء البيوت وسداد إيجار بيوت أخرى، وإلى يومنا هذا أحاول تدبير منزل أخير ليسد حاجتي وأتمنى من قيادتنا الرشيدة مساعدتي في توفير هذا المسكن”.
يشير البلوشي إلى فلسفة ثلاثية الأركان لعبت دوراً في استمراره في مسلسل الزواج والإنجاب حتى بلغ عدد زوجاته 7، أنجبن له 36 من البنين والبنات، لافتاً بابتسامة الواثق، أنه لا يستبعد الزواج للمرة الثامنة، إذا قدر الله عز وجل، حسب تعبيره!
فيقول: “كنت أرى أنه ما دمت امتلك الصحة للعمل، والمال للإنفاق، والأخلاق والعلم للعدل بينهن، فلا مانع لدي من إنجاب العشرات.. وأولاً وأخيراً أرى الأمر بأنه رزق الله أسعد به أيما سعادة”.
ويوضح البلوشي أنه رجل عصامي عمل في شرطة الشارقة نحو نصف قرن من الزمان، كما عمل ميكانيكياً للسيارات منذ زمن بعيد، وكان يكسب قوته من عرقه وتعبه، ولم ينس الإشارة إلى دور زوجاته الرئيس في مساعدته وإعانته على أمور الدنيا.
يضيف: “كانت كل واحدة منهن تقوم بواجباتها ولم تطلب إحداهن يوماً توفير خدامة وما شابه ذلك، فعملن على تدبير أمورهن وتربية الأبناء دون مساعدة، وهذا أمر خفف عني الأعباء المالية، فضلاً عن ثمرة هذا المبدأ في ارتباط الأبناء بأمهاتهم”.
وعن جودة تربية الأبناء في ظل هذه الظروف التي قد تكون عصيبة إن لم تكن مستحيلة، قال يكفي أن تعرف أن أولادي، بينهم الضابط والمهندس، وحملة الماجستير والدكتوراه، وجميعهم يعملون في وظائف مرموقة ولله الحمد.
عودة لشباب الجسد، فيقول البلوشي إن الحفاظ على الصحة يكمن في نمط معيشي مغاير لأنماط اليوم، فالناس في السابق كانت تعمل وتبذل جهداً يساعد في تقوية العظام والعضلات وتكامل الجسم، خلافاً لوقتنا هذا الذي عم فيه الكسل، حتى أني أرى الشاب اليوم يكاد لا يمشي 10 أمتار من دون سيارة.
ويضيف أن الغذاء يلعب دوراً هاماً في هذا السياق، “فنحن عشنا على نهج الرسول عليه الصلاة والسلام والسلف الصالح، وكان غذاءنا لا يزيد عن التمر واللبن، مستغرباً أنواع غذاء اليوم، خاصة الوجبات السريعة المليئة بالدهون والأمراض، حسب قوله.
ختاماً، يؤكد المواطن أحمد البلوشي على رسالة مفادها أن الزمن تغير، والحياة صارت أصعب وأكثر تعقيداً، موجهاً نصيحة لشباب اليوم بالاكتفاء بطفلين أو ثلاثة والعمل بجد على حسن تربيتهم وتعليمهم العلم النافع لدينهم ودنياهم ووطنهم.