تتمتع دولة الإمارات بالكثير من المناطق الجميلة والتي تقع بين المزارع وفي رؤوس الجبال يعرفها أهلها جيداً ولكن قد يجهلها البعض لبعدها عن المدينة أو صعوبة الوصول إليها أحياناً، ولكن تبقى مناطق من بلادنا في القلب قد نزورها في الواقع أو في القصص التراثية الشعبية، «البيان» التقت بالمغامرة رحاب الظنحاني والتي تقيد وتسجل عن المناطق الجبلية لتصدره لاحقاً في كتاب يضم خبايا تلك المنطقة، إضافة إلى حديثنا مع طحنون الحفيتي للحديث عن تاريخ المنطقة وأصل القبائل هناك.
إمارة الفجيرة
منطقة الشريه والتي تقع في قرية الطويين والتي تبعد ساعة عن إمارة الفجيرة، وهي منطقة جبلية بين رأس الخيمة وسلطنة عمان، كما تنطق كلمة الشريه بسكون الراء وتشديد الياء، وتتميز بالجبال والمزارع والمياه العذبة وهي منطقة سكنية وزراعية.
وتقول رحاب الظنحاني: الشريه منطقة هادئة كأهلها وتحمل في جوها الكثير من الهدوء والنظافة واللطف، وفي الصيف تكون خفيفة الرطوبة وجافة، وفي فصل الشتاء تصبح باردة، حيث يساعد جوها على ازدهار عدة محاصيل منها شجر الهمبا والنخيل، وتشتهر الشريه بتربية المواشي وزراعة البر والشعير في موسم الأمطار، حيث كان في الزمن القديم لدى بعض الأهالي «وعب» وهي عبارة عن أرض دائرية خصبة وتحوط بصخور لتحديد الأرض لتتجمع الأمطار فيها، كما تنثر البذور فيها قبل نزول المطر استعدادا للمحصول، ثم يتم الصعود للجبل إما مشياً أو على الحمير لعدم تمكن وصول السيارات لتلك المنطقة في تلك الفترة.
الحصاد
وكانوا يجمعون الحصاد ليتناوب أفراد العائلة بطحنة في رحى كبيرة مازالت موجودة إلى الآن إضافة إلى بركة كان يستفاد منها من خلال تناوب أهالي القرية على مجرى الماء لمناطق الزراعة ليصبح الري كل يوم لمزرعة أو لعائلة معينة، و«البركة» هي عبارة عن حفرة في الأرض من صنع الإنسان تتجمع فيها الأمطار ويستفاد منها في ري الوعوب والمزارع، لتكون هذه الأماكن شاهدة على آثار وعادات وتقاليد كان يتبعها أهالي المنطقة في تلك الفترة.
وتضيف: لم يبقَ في الشريه غير المزارع وبعض البيوت القديمة التي لاتزال إلى الآن والتي يتعدى عمرها المئة سنة، كما يقوم أبناء المنطقة بقطف العسل والموجود بكثرة ليتم إنتاج عسل السمر «البرم» في فصل الصيف وعسل السدر ويسمى «عسل اليبياب» نسبة إلى ثمرة اليبياب التي يتغذى عليها النحل.
قبيلة الحفيتي
وتسكن المنطقة قبيلة واحدة فقط وهي قبيلة الحفيتي وبحسب الروايات المتوارثة من الأجداد والأسلاف وبعد اللقاءات مع كبار وأعيان القبيلة وهو طحنون راشد الحفيتي توصلنا إلى أنه يرجع أصل تسمية «الحفيتي» إلى جبل حفيت في مدينة العين في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويقول: عندمـا هاجـر الجـد الأكبـر والقـادم من جبـل حفيت إلى المنطقـة الشرقيـة في إمـارة الفجيـرة وسكن في منطقـة «الشريه»، وذلك بسبب الخلاف العائلي بينه وبين أفراد قبيلته، وعندما سأله أهل المنطقة الجديدة التي هاجر إليها: من أنت ومن أي منطقة قادم ؟ أجابهم بأن اسمه راشد وقادم من حفيت، ومن ذلك الحين أصبحوا ينادونه براشد الحفيتي نسبة إلى المنطقة التي قدم منها، ثم تكاثرت القبيلة فأصبحت من أكبر القبائل في إمارة الفجيرة عدداً وانتشاراً.
وأضاف: اشتهر أبناء القبيلة منذ القدم وحتى وقتنا الحالي بالشجاعة والكرم والضيافة وإكرام الضيف وشدة البأس ومساعدة الضعيف والصديق وقت الحاجة، كما شاركوا في الحروب السابقة واتصفوا بالصفات الحميدة التي جعلت القبيلة مشهورة ولها مكانة مع الحكام والقبائل الأخرى.
مقبرة تاريخية
يوجد بالمنطقة مقبرة تاريخية كبيرة الحجم والقصة المتداولة بين أهالي المنطقة عن سبب وجودها بأنها موجودة بسبب الحروب القديمة وهذا يستدل من خلال طريقة وضع الشواهد على بعض القبور وهي تضم أكثر من 200 قبر تقريباً، وتحوط المقبرة سلك بسيط لمنع الدخول إليها أوعبور السيارات من خلالها، ولكن يعتب أبناء المنطقة بأن السلك غير كافٍ لحماية مقبرة تاريخية، والصخور المرسوم عليها بعض الرسومات الغريبة والنقوش القديمة.
وفاء السويدي-البيان