في عصر السرعة و«السوشيال ميديا» والبحث عن الراحة والرفاهية، يعد راشد عبدالله العنتلي من دبا الفجيرة، نموذجاً متفرداً بين أبناء جيله، فرغم أنه لا يزال في الثامنة والعشرين من عمره إلا أنه، وإلى جانب وظيفته الحكومية، حداد محترف ونجار بارع وخراز ماهر، ويتقن الحفر والنقش على الجلود، والمثير أنه شغوف بصناعة السيوف والخناجر والسكاكين منذ 10 سنوات حباً بالتراث وتمسكاً بإحدى أهم مهن الأجداد.
تشجيع
أكد راشد عبدالله العنتلي (28 عاماً) لـ«البيان»، أن احترافه لصناعة السيوف والخناجر منذ 10 سنوات، كان بفضل تشجيع أخيه الكبير أحمد، الذي يمارس هذه الحرفة بشغف كبير حباً بالتراث ورغبة في الحفاظ على مهنة الحدادة، وقال: الحدادة من أهم المجالات التي برع فيها أجدادنا واشتهروا بها، كونها كانت تمكنهم من صناعة احتياجاتهم من الأدوات الزراعية ومستلزمات البواخر والسفن والمسامير والسكاكين لتقطيع الذبائح وغيرها من الأدوات ووسائل الدفاع عن النفس.
وتابع: أمارس هذه الحرفة منذ أن كان عمري 18 عاماً، وبسبب التزامات الوظيفة والأسرية حالياً فإنني أمارسها خلال وقت الفراغ في «عزبتنا» بدبا الفجيرة، حيث لدي وشقيقي ورشة عمل خاصة، وقد قادني شغفي بالحدادة إلى تعلم النجارة وتركيب الأخشاب وإتقان فن النقش على كل من الحديد والخشب.
وبسؤاله عن التحديات التي يواجهها ومعدات السلامة التي يعتمد عليها، أوضح أنه اعتاد على العمل وفقاً لطريقة الأجداد التقليدية، وأنه قلما يرتدي النظارات أو القفازات والملابس الواقية، وقال: غيبت التقنيات والأساليب الحديثة المستخدمة في صناعة السيوف والخناجر لذة هذه المهنة، وبالنسبة لي فأنا أفضل العمل التقليدي رغم أنه يسبب لي أضراراً صحية مثل احمرار العين نتيجة تأثرها بوصول الحديد لدرجة الاصفرار، إضافة إلى تطاير الشظايا عند دق الحديد، وكثير من هذه الشظايا لا يزال عالقاً في جسمي.
وحول ما إذا كان يصمم حسب الطلب، أوضح العنتلي أنه يتلقى طلبات كثيرة، أما بالنسبة للعلامات التي تميز سيوفه وخناجره، فقال: إنها مختومة بكلمة «صخر»، وقد اخترت وأخي هذا الاسم لما يحمله من معاني الصلابة والمتانة، وتعتمد قيمة الخنجر مثلاً بناء على قوة النصلة وجمال الرأس ونوعه، أما ثمن السيف فهو مرهون بحدة النصلة ومرونتها وعدم قابليتها للكسر، وغالباً ما يتم شراء السيوف والخناجر للزينة أو الاحتفاظ بها كذكرى أو تقديمها كهدايا ترمز إلى البطولة والمفاخر والعز، علماً أنني لا أبيع لصغار السن أو الشباب.
استعداد
وتحدث العنتلي عن رغبته بتعليم هذه المهنة لأطفاله عندما يكبرون، واستشهد بمقولة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «من ليس له ماض، ليس له حاضر ولا مستقبل»، وقال: أنا على استعداد لتعليم الشبان الراغبين بتعلم الحدادة والنجارة، فما تركه لنا أجدادنا من التراث يستحق أن نحافظ عليه ونطوره لا أن نتهاون بشأنه ونتركه عرضة للضياع والاندثار.
البيان-دبا الفجيرة- ريما عبدالفتاح