ملامح الجمال تستوقفك في كل شبر من تضاريس الفجيرة الغنية بالمرتفعات الجبلية؛ حيث تتوفر فيها العديد من مقومات الجذب السياحي التي جعلتها مشهداً من مشاهد السياحة والحضارة والشهرة، فاعتدال مناخها وتوافر الشواطئ البحرية والجبال الشامخة التي تحتضنها، والوديان والشلالات والينابيع ذات المناظر الخلابة، إلى جانب المواقع الأثرية والحصون والقلاع التاريخية، تشجع السائح على زيارة مناطقها والتمتع بسحر طبيعتها؛ لذلك هي دائماً محط أنظار الباحثين عن الجمال واعتدال الجو والاستجمام ومعرفة التاريخ. تنتشر المواقع التاريخية والأثرية في ربوع الإمارة، فهناك وادي وشلالات الوريعة، والحيل التاريخية والطبيعية، والبثنة التاريخية ومنطقة مسافي الطبيعية والتاريخية والمناطق البحرية بدبا الفجيرة ومنطقة البدية الأثرية، وقلعة الفجيرة، ومتحف الفجيرة، وقرية الفجيرة التراثية، وساحة مصارعة الثيران، إلى جانب العديد من المواقع الجبلية.
ويعد «وادي الوريعة» أول منطقة جبلية تتحول إلى محمية طبيعية في الدولة بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، لتصبح من أهم الأماكن الجاذبة للسياح التي يتوافد إليها آلاف من الزوار من مختلف أرجاء الدولة وخارجها، للاستمتاع بمياه شلالاتها وبالمناظر الخلابة التي تطوقها سلسلة من الجبال الشاهقة التي تكسوها الخضرة معظم أيام السنة.
تتميز المنطقة بوجود أعداد كبيرة من عيون المياه والشلالات التي تنبع من باطن الأرض، إلى جانب العديد من الحيوانات البرية والطيور والبرمائيات والنباتات ذات الطبيعة النادرة.
أما منطقة الحيل، فتقع وسط الجبال الشاهقة. وتشتهر بوجود حصون وقلاع أثرية تحكي تاريخاً طويلاً من التراث العريق، على جانب القرية التراثية المبنية من الطين والحجارة السوداء والصاروج وسعف النخيل بطريقة هندسية مبدعة. كما تضم المنطقة عدداً من بقايا البيوت القديمة، التي عاش فيها سكان الحيل قديماً. ومن أبرز معالمها المناظر الطبيعية الخلابة المحيطة بالجبال العالية ذات الألوان المختلفة، وحصن الحيل الشهير وما حوله من بيوت طينية قديمة، يحتوي كل منها على المحراب والفتحات الصغيرة والعقود والتجاويف التي تعود لمئات السنين.
وتعود سبب شهرة حصن الحيل في القرية إلى أنه كان مقراً للحكم في الفجيرة، وكان يستخدم في الماضي للمراقبة دفاعاً عن الحيل والقرى المجاورة. ويشهد حصن الحيل سنوياً زيارة الآلاف من السياح الذين يأتون للمنطقة للتعرف إلى التاريخ العريق الذي مرت به المنطقة.
تعد البثنة منطقة سياحية وتاريخية ذات طبيعية خلابة؛ حيث تنتشر فيها المرتفعات الجبلية إلى جانب الأودية التي تجري فيها المياه في مواسم الأمطار، كما تتميز بوجود المزارع الخضراء وقلعتها التاريخية أصبحت المنطقة مقصداً للسياح العرب والأجانب الذين يأتون لزيارة قلعة البثنة خصوصاً بعد أن أعادت حكومة الفجيرة ترميمها وتأهيلها. وتحتوي القلعة على عدد من المواقع الأثرية والمدافن التي يعود تاريخها إلى الألفين الأولى والثانية قبل الميلاد، وإلى العصور الإسلامية، بحسب البعثة الفرنسية للآثار التي اكتشفتها في تسعينات القرن الماضي، بالتعاون مع هيئة الفجيرة للسياحة والآثار.
تتميز مدينة دبا الفجيرة، بالأماكن البحرية الممتعة؛ حيث تكثر مناطق الشعاب المرجانية الغنية بأنواع كثيرة من الأسماك، التي تزيد من جمالها مع المناظر الخلابة وسحر الجبال الصخرية والكهوف. كانت تلك العوامل سبباً في رواج السياحة البحرية ورياضات الغوص في الإمارة، لما تجمعه من سحر الجبال والمياه النقية.
وتحفل المنطقة بالعديد من الجبال والجزر الصغيرة فضلاً عن المحميات البحرية الفريدة، التي تضم الكهوف الغنية بالعديد من الأسماك المختلفة والشعاب المرجانية التي تستقطب الزوار ومحبي الطبيعة البحرية من داخل الإمارات وخارجها، كما تنتشر الأشجار البرية التي تزيد الطبيعة جمالاً وبهاء.
أما منطقة البدية، فتحتضن التاريخ العريق لأهل الفجيرة بشكل عام، نظراً لوجود مسجدها الأثري الذي يعد من أقدم المساجد في الإمارات، إلى جانب عدد من الآثار والحصون التاريخية والأفلاج والآبار والمنازل القديمة. وكطبيعة الفجيرة العامة تحتضن المنطقة الجبال العالية المطلة على الساحل البحري، وتتخللها المزارع الخضراء والوديان ما يجعلها مقصداً للباحثين عن الجمال الفطري، بين آثار وتراث الأهالي الذين عاشوا على أرضها، قبل مئات السنين.
وتقام الصلاة حتى الآن في مسجد البدية الأثري، الذي يعود بناؤه إلى عام 1446م، والمبني من الطين والحجارة السوداء والجبس المحروق ويتخذ بناؤه طابعاً فريداً، وتعلو سقفه 4 قباب ترتكز على عمود دائري وسط المسجد، ويقع أمامه بئر ماء قديمة وإلى جانبه شجرة تعود لمئات السنين، كما يجاوره من الجهة الغربية برجان قديمان كانا يستخدمان في الماضي لرقابة الساحل البحري للمنطقة ومزارع المنطقة وللدفاع عنها.
وسط منطقة جميلة تحيط بها الجبال الشاهقة والمناظر الطبيعية الخلابة، تقع قرية التراث على مساحة 6000 متر مربع بالقرب من حديقة عين مضب الكبريتية، وتضم القرية الكثير من المقتنيات ونماذج البيوت القديمة التي كان آباؤنا وأجدادنا يستخدمونها في حياتهم اليومية. ومن يزور القرية يعيش لحظات من الماضي بكل ملامحه وتفصيلاته وأساليب الحياة القديمة بين المنازل الأثرية والأدوات المستخدمة والعادات والتقاليد المرتبطة بالمنطقة.
وفي ساحة «الميدان الأخضر» بالقرب من كورنيش البحيرة، تقام حلبة لمصارعة الثيران، التي تمثل حدثاً عائلياً ضخماً في عصر كل جمعة؛ حيث تجتمع العائلات والزوار في ساحة مفتوحة ليشاهدوا مصارعة الثيران التي توفر التسلية والمتعة للحضور.
السائح الإيطالي فرانسيسكو أندرو، اعتاد زيارة إمارة الفجيرة لرؤية المواقع الأثرية التي تبرز تاريخ الإمارات بشكل عام، وأهالي إمارة الفجيرة بشكل خاص. يقول: «المناظر البحرية والجبلية المنتشرة في الإمارة جعلتني أعيش روح المغامرة، فأنا أمارس بها هوياتي المتعددة من تسلق للجبال وصعود المرتفعات والغوص».
ويقول لوكاس تيم، من ألمانيا: «جئت إلى الفجيرة لتصوير فيلم وثائقي لإحدى المحطات الأجنبية عن المعالم الطبيعية والتاريخية والبحرية لمناطق الإمارة الجميلة، التي تتميز بمناظر ساحرة تجمع البحر والجبال في لوحة واحدة، مثل منطقة وادي الوريعة. وأكثر ما أعجبني خلال الزيارة كرم وطيبة أهلها، وحسن استقبالهم للضيوف، وتوفير جميع الاحتياجات للسياح».
جمال الفجيرة وسمعتها العالمية، دفعت نادر محمد، المقيم في كندا، إلى زيارتها. يقول: «سمعت من أحد الأصدقاء عن إمارة الفجيرة وجمال الجبال فيها، فجئت منذ أسبوع للاستجمام والتمتع بجمال الجبال والمعالم التاريخية والطبيعية والبحرية. وبيئة الفجيرة رائعة ومناسبة لممارسة جميع الهوايات من المشي بين الجبال والتسلق والغوص في المحميات البحرية المنتشرة في مدينة دبا».
ويعتبر السويسريان بيتر فيبر وروزماري فيبر الفجيرة بيتهما الثاني، فهي الوجهة السياحية الدائمة لقضاء فترة الإجازات، لما فيها من مقومات سياحية ومنتجعات وفنادق رائعة، إلى جانب الكثير من المعالم التاريخية والحضارية والمعالم الفريدة للتراث الثقافي، إلى جانب المغامرات البحرية والجبلية.
خليفة الشكاي، من الفجيرة، يقول: «عند زيارة الأماكن التاريخية خصوصاً القلاع والحصون الأثرية، أعود في الزمن معها، 2000 سنة إلى الوراء، وأرى من خلالها تاريخ أجدادي وآبائي وعاداتنا وتقاليدنا التي نحيا بها اليوم».
يشيد الشكاي بتوجيهات حكومة الفجيرة ممثلة بصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، واهتمامها بالمواقع التاريخية وإعادة تأهيلها، لتصبح مقصداً سياحياً عالمياً يأتيها الزوار من كل حدب وصوب.
حين يزور محمد عربيات، الفجيرة يتوجه إلى الأماكن البحرية في دبا ذات المياه الصافية والنقية؛ حيث يمارس عشقه لرياضات المغامرة والغوص. يقول: «أحب رؤية الحياة البحرية المتنوعة والشُعب المرجانية الأكثر من رائعة، ولا أجد أفضل من الفجيرة، فهي تتمتع بجو معتدل أغلب أيام العام، كما يمكنك الاسترخاء تحت أشعة الشمس على الشواطئ الرملية الناعمة».
موزة علي الدهماني، تعودت منذ بداية موسم الشتاء على التوجه مع أسرتها إلى جبال الفجيرة للتخييم بين ربوعها الخلابة وللجلوس في البر وإعداد الطعام والشاي على الحطب في الهواء الطلق، وتؤكد أن بيئة الفجيرة الجبلية نادرة تضم بداخلها مناظر خلابة تسر العين وتشرح القلوب ولا تجدها في مكان آخر.
مسافي.. الطبيعة والتاريخ
مسافي إحدى المناطق الساحرة في الفجيرة، وتسكن أعلى جبال الإمارات، تشتهر بوجود العديد من المناظر الجبلية الخلابة والمزارع الخضراء، إلى جانب قلعة مسافي التاريخية التي يعود بناؤها إلى عام 1450 ميلادية، وهي مبنية من الطين والحجارة وصاروج النخيل، وتقع على تل صغير منخفض الارتفاع. في فناء القلعة غرف متعددة بنيت في فترات مختلفة، كما توجد أفلاج مائية اكتشفها فريق الآثار الياباني أسفل القلعة مباشرة يصل طولها إلى بضعة كيلومترات، ويعود تاريخها إلى نهايات الألف الأول قبل الميلاد.
سوق الجمعة
تضم الفجيرة واحداً من أكبر الأسواق الشعبية الإماراتية المعروفة على مستوى الدولة، وهو «سوق الجمعة»، الذي يأتي الزوار إليه من مختلف الإمارات والعالم، لما يضمه بين جنباته من تراث وتاريخ عريق. تأسس السوق منذ أكثر من 100 عام وتوارثت الأجيال العمل به. ويضم جميع أنواع التمور والحمضيات من ليمون وبرتقال وموز وجوافة ونبق والطماطم والبصل والخيار، التي تأتي من مزارع الأهالي مباشرة إلى محال الخضراوات في السوق، لذا فهي من أجود أنواع المحاصيل التي تباع بأقل الأسعار. ويأتي للسوق رواد من أبوظبي ودبي والشارقة من جميع الجنسيات.
الفجيرة: بكر المحاسنة