بدأت تتشكل أزمة بين الأندية والرياضيين في الساحل الشرقي، مبعثها عدم قدرة الأندية على استيعاب واستقطاب كل الطاقات الرياضية في ملاعبها، وحتى في ملاعبها (المؤجَّرة) التي لا تشهد إقبالاً مثل تلك التجارية التي تشهد اكتظاظاً كثيفاً وطوال أيام الأسبوع.
وتتباين الآراء بين إدارات الأندية والرياضيين وحتى أصحاب المشاريع التجارية للملاعب الخارجية والتجارية، الكل يرمي بالكرة في ملعب الآخر، في ظل ظهور ثقافة جديدة في المنطقة بدأت تتشكل أيضاً تتمثل في تأجير الملاعب لممارسة الرياضة في ألعابها المختلفة.
بدأنا أولاً برأي الأندية، حيث قال محمد عبدالرحيم الحمادي المدير التنفيذي لنادي الفجيرة، إن الأندية تفتح ملاعبها لكل رياضي في المنطقة يحب أن يمارس لعبته الأساسية لكن المشكلة الحقيقية هي أن معظم الرياضيين غير ملتزمين بخطط النادي من حيث الوقت والأيام التدريبية، ومن أجل ذلك يسهل على الرياضيين ارتياد الملاعب التجارية بمختلف الألعاب في أي وقت يشاؤون.
وأضاف: «لدينا في الفجيرة 5 ملاعب للمسجلين في النادي وملعبان للتأجير بأفضل المواصفات لكن الرياضيين يتجهون إلى الملاعب الخارجية التي في مناطق جذب سكاني بعيداً عن النادي وهي مشكلة لا تتعلق بالأندية، فنحن ملتزمون بالمكان وبالجدول الزمني للنشاط الرياضي».
وقال: «إدارات الأندية لديها خطط منظمة وفعالة لكنها تتقيد بالعمل المؤسسي، ومن الصعب أن يتقيد الرياضيون بعمل دائم دون تسجيل منظم في الحركة الرياضية، لذلك فالأندية لم تقصر في هذا الجانب وهي مشكلة مَن لا يريد الالتزام الرسمي مع الأندية».
ومن جانب الرياضيين، تحدث حسن درويش لاعب وعضو مجلس إدارة سابق، قائلاً: الأندية لم تقدم الجديد الذي يواكب طموحات الرياضيين المختلفة في المنطقة وكذلك فإن نتائج الأندية وعدم وجود ألعاب مختلفة جعلت كل من يحب الرياضة يتجه إلى البدائل الأخرى خصوصاً أن الملاعب التجارية التي انتشرت تحتوي مميزات كثيرة، فهي قريبة من أماكن التجمعات السكانية، وكذلك سهولة الوصول إليها، ناهيك بجودة الأرضية، وحتى المبلغ المالي الذي يدفعه الرياضيون لتأجير الملاعب ليس كبيراً وهذا كله يسهِّل عملية اختيار تلك البدائل.
وأضاف: «إدارات الأندية يجب أن تبحث عن الأسباب الحقيقية التي تجعل من تلك المشاريع ناجحة في جذب الرياضيين بعيداً عن ملاعب الأندية وألعابها المختلفة التي لديها القدرة الاستيعابية على احتواء كل الرياضيين في المنطقة».
واتفق معه في الرأي محمد حبيب وهو رياضي سابق، وقال: عدم الاهتمام بالملاعب في الأندية سبب رئيسي في اتجاه الكثير من الرياضيين واللاعبين ناحية البدائل الأخرى المتوفرة بالإضافة إلى عدم الاهتمام باللاعبين وما تتطلبه هذه المرحلة الجديدة، والثقافة السائدة في المجتمع.
وطالب حبيب إدارات الأندية بأن تهتم أكثر بهذا الجانب الحيوي المهم بالنسبة إلى اللاعبين وأن تحاول البحث عن الأسباب الحقيقية وراء اتجاههم إلى الملاعب التجارية وألعابها المختلفة.
وأيَّد محمد حسن مصطفى اللاعب السابق، رؤية من سبقه، وقال: غياب الاهتمام بالملاعب وضعف الاهتمام بجذب أبناء المنطقة للأندية مع سوء التخطيط الإداري لبعضها والتي لا ترى أن مثل هذه الملاعب هي مصدر دخل إضافي للنادي يقف وراء توجه الرياضيين إلى الملاعب التجارية.
وأضاف: هناك بعض الإداريين في الأندية يحتكرون الملاعب لبعض الفئات دون غيرها، وهو ما يدفع بفئات كثيرة إلى البحث عن بدائل، وهي الملاعب التجارية.
من جانبه، قال خالد مراد الرئيسي صاحب أحد مشاريع تأجير الملاعب: استلهمت المشروع من الإقبال الكثيف على الحضور في البطولات الرمضانية التي كنت أحد مؤسسيها في خورفكان، وقد رأيتُ حاجة المنطقة إلى مثل هذه الملاعب التي تجمع أعداداً كبيرة من الرياضيين الذين لا يفضلون الذهاب إلى الأندية في المنطقة. وأضاف: الأندية لم تواكب العصر ولذلك كل ممارس للرياضة أياً كان نوعها اتجه إلى البدائل الأخرى المتوفرة لذلك قررنا الاستثمار في هذا المشروع ولم يكن الهدف تجارياً بحتاً، فلدينا أهداف اجتماعية ورياضية كثيرة، حيث نعد لتصبح المنطقة تجمعاً رياضياً يضم جميع الألعاب، ومنها الألعاب التراثية وغيرها، ورغم أن المشروع بدأ بكرة القدم فإن الخطة المقبلة ستشمل جميع الألعاب، حيث نظمنا في الفترات السابقة سباقات للماراثون وكذلك العديد من الألعاب الرياضية التراثية القديمة.
وتابع: نرى إقبالاً كبيراً على مثل هذه المشاريع ولا يقتصر الإقبال على خورفكان فقط بل هناك في كل مناطق الساحل الشرقي مشاريع من هذا النوع، ومن الناحية الشخصية أتمنى بصفتي أحد المحبين للأندية أن تضع هي في حسبانها هذا الأمر، وتحاول أن تجعل من الأندية بيئة جذب للرياضيين والشباب خصوصاً أن هناك ثقافة جديدة تتشكل في المجتمع، وهم يحضرون البطولات الرياضية الرمضانية وغيرها، ويشاهدون الحضور الجماهيري الكبير الذي يفتقرون إليه في الأندية لذلك عليهم دراسة هذه الظاهرة، ومحاولة جذب الرياضيين للأندية من جديد، وعدم التركيز فقط على الألعاب الموجودة لديها والتي لا تشهد أي إقبال وتعاني كثيراً من المشاكل، فمثل هذه المشاريع لو تحققت في الأندية سوف تحقق عائداً مالياً كبيراً غير فوائدها المجتمعية الكبيرة.
فيصل النقبي (الفجيرة)