لم يقتصر دور الأندية الرياضية الثقافية التي تشكلت في الساحل الشرقي بعد قيام الاتحاد، على الجانب الرياضي فقط، بل امتد ليشمل كل نواحي الحياة، وتحولت الأندية إلى «بيت للأسرة» يحتضن كل الفئات العمرية لممارسة الألعاب الرياضية ومناقشة القضايا اليومية، الفكرية والثقافية والاجتماعية.
وبمرور الوقت وتغير خريطة المجتمع، وتطور وسائل التكنولوجيا، تنازلت الأندية عن هذا الدور الذي كانت تتميز به خلال حقبة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، واقتصر دورها على ممارسة كرة القدم فقط على حساب بقية الألعاب، وتلاشى الدور الثقافي والاجتماعي، وأصبح مقتصراً على محاولات خجولة من بعض الإدارات لإحياء دور الثقافة، وهي العنصر الثاني الأساسي من مسميات الأندية.
ورغم هذه المحاولات التي لم يكتب لها النجاح، فالناتج الثقافي للأندية يساوي «صفراً كبيراً»، واقتصر نشاطها بهذا المجال على مجرد لجان ومحاولات بسيطة، أو على دور متواضعة في فترة الصيف بمسمى النشاط الصيفي فقط.
ويقول سعيد الخطيبي، نائب رئيس مجلس إدارة نادي دبا الفجيرة، بأن قلة النشاط الثقافي والاجتماعي في الأندية ليس سببه المال أو نقص الميزانيات المخصصة، إنما بسبب كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى التي يتابعها الجميع، ولم يعد أحد يتابع الأنشطة الثقافية والاجتماعية، أو يلقي لها أهمية كبيرة كما كان سابقاً.
وأضاف الخطيبي بأنه عندما كان صغيراً كانت الأندية عامرة بالعديد من المناشط في كل المجالات، وكانت تحتضن المسارح والفنون والفعاليات الثقافية الأخرى، وتنظم العديد من المعارض. لكن مع التغييرات الاجتماعية، وأمام شعبية كرة القدم، باتت الأندية تعاني الأمرين لتوفير الأنشطة الاجتماعية والثقافية وغيرها لمنتسبيها.
وأضاف: نحن في النادي لدينا نشاط ثقافي مستمر، وإن كان ليس بصورة دائمة، وأصدرنا في فترات مجلة الوعي، وهي مجلة رياضية ثقافية اجتماعية تستهدف كل الرياضيين في النادي، كما أننا ننظم محاضرات ثقافية واجتماعية من وقت لآخر لتثقيف اللاعبين وإفادتهم من كل النواحي، لأهمية هذا في زيادة وعى الناشئين والشباب.
وأكد الخطيبي بأن الأندية عليها واجب احتواء الشباب، نظراً لما يجري حولنا في العالم اليوم، وأضاف: لابد أن تستعيد الأندية دورها المجتمعي الثقافي، وأن تكون بيئة حاضنة فعالة لكل منتسبي النادي، لأن ذلك يعتبر من الأمور المهمة والحيوية التي ينبغي الانتباه لها والاهتمام بها في كل الأوقات.
من جانبه، قال سالم راشد النقبي، عضو مجلس الإدارة، رئيس اللجنة الثقافية بنادي الخليج، بأن الأندية أصبحت أندية رياضية فقط، دون أن يحظى الجانب الثقافي إلا بجزء بسيط من اهتمام مجالس إدارات الأندية، رغم أهميته الكبيرة للأندية والرياضيين المنتسبين لها.
وأضاف النقبي بأن الأندية عليها أن تعين أو تختار عضو مجلس إدارة مهمته الأساسية رئاسة لجان ثقافية واجتماعية لها خطة وبرنامج عمل واضحة، وألا يقتصر الأمر على مجرد اجتهادات بسيطة، أو الاعتماد على الأنشطة الصيفية مثل صيف بلادي فقط، دون أن يكون الاهتمام بشكل مستمر طوال العام.
وقال النقبي: نحن في نادي الخليج، وإيماناً منا بأهمية الثقافة، قمنا بإنشاء لجنة خاصة بها ومهمتها هي تنظيم عملية تطوير النشاط الثقافي في النادي، ووضع خطة عمل واضحة على مدار الموسم، من أجل تنظيم العديد من الفعاليات وورش العمل والمحاضرات المختلفة والرحلات الترفيهية، وسائر الأمور الثقافية والاجتماعية، وتنويع هذه المناشط لكي يشترك بها جميع اللاعبين بالنادي، لأن هذا المفترض أن تقوم به الأندية بعد فترة من عدم الاهتمام بهذا الجانب.
أما عبيد المرزوقي، عضو مجلس إدارة دبا الحصن ومشرف الألعاب فيها، فقد قال بأن ناديه من أكثر الأندية في الساحل الشرقي اهتماماً بالجانب الثقافي مع الجانب الرياضي، ولا يقتصر نشاطه فقط على قطاع الرياضة.
وأضاف: قطاع الرياضة من القطاعات المهمة وهو يستأثر بكل الاهتمام، لكن أيضاً القطاع الثقافي له أهمية كبيرة يجب أن يدركها الجميع، وخاصة من جانب احتواء الشباب والمحافظة عليهم في وسط مجتمع متسارع يتغير باستمرار.
وقال أيضاً: لقد نظمنا العديد من الأنشطة بشكل مستمر، لكن ما زال العمل بحاجة إلى مزيد من الجهد من كل الجهات التي تعنى بأمور الرياضة والثقافة على حد سواء، لأن بعض الأندية تكون وحيدة بهذا الجانب دون مساندة من الجهات الأخرى، ونحن نتمنى وجود مشروع وطني لإعادة دور الأندية من كل الجوانب لا يقتصر فقط على جانب الرياضة.
وأضاف: لدينا واجب علينا أن نؤديه لاستعادة هيبة الأندية، وأن تكون مثل السابق بيئة جاذبة حقيقية لكل أبناء المنطقة، وأن يصبح النادي هو المحيط الاجتماعي الآمن لكل من يسكن بقربه من سكان المجتمع.
فيصل النقبي