البدية، إحدى المناطق التابعة إدارياً لمدينة دبا الفجيرة، تبعد عن إمارة الفجيرة نحو 40 كيلومتراً شمال المدينة، على الطريق الرابط بين مدينة خورفكان ودبا الفجيرة.
وتعد منطقة البدية إحدى أهم مناطق الفجيرة التاريخية والأثرية التي تحتضن التاريخ العريق لسكان الساحل الشرقي بشكل عام، وأهالي إمارة الفجيرة بشكل خاص، نظراً لوجود مسجد البدية الأثري الذي يعد من أقدم المساجد في الإمارات.
ضمن اهتمام حكومة الفجيرة بتطوير كل المناطق داخل الإمارة قامت بإنشاء فروع خدمية للجهات الحكومية بمنطقة البدية مثل، فرع لإدارة بلدية دبا الفجيرة، ومركز صحي حديث، ومركز شرطة، وميناء صيد، وتعبيد ورصف الطرق الرئيسية الممتدة داخل الشعبيات والمناطق السكنية، وإنشاء مدارس تغطي المراحل التعليمية كافة.
تعمل إدارة بلدية دبا الفجيرة على التواصل الدائم مع مواطني البدية للوقوف على احتياجاتهم ومطالبهم لتحديد الرؤية المستقبلية التي ينشدها أهالي منطقة البدية، والوقوف على طموحاتهم التطويرية وتوقعاتهم لما سوف تكون عليه المنطقة في المستقبل، ضمن مشروع الخطة الشمولية للإمارة 2040، في إطار سعي بلدية دبا لجمع البيانات والمعلومات من الأهالي في جميع المناطق، وتحليل الأوضاع في الوقت الراهن وتقييمها، في ظل النمو المتسارع للمنطقة من الناحية الاقتصادية والصناعية والسياحية.
«الخليج» قامت بجولة تفقدية داخل شوارع وأحياء منطقة البدية، للتعرف إلى المشاريع الجاري العمل على إنجازها، ورصد احتياجات المواطنين من خدمات وطرق ومشاريع تتوافق مع التطور الكبير الذي تشهده الدولة في كل المناحي، والعمل على راحة المواطنين وتطويع البيئة المحيطة لخدمة الأجيال القادمة.
سوق البدية المركزي
تضم البدية عدداً من المشاريع التي قامت إدارة البلدية بالعمل على إنجازها فى الوقت القريب، منها مشروع السوق المركزي بحجم إنجاز يقارب نسبة 90% ويضم مقصباً آلياً جديداً لتلبية احتياجات أهالي المنطقة والمناطق القريبة منها، التي تتردد على أسواق البدية، كما يضم المشروع سوقاً متكاملاً للخضراوات والفواكه، وآخر للأسماك تعمل جميعها بنظام التكييف المركزي، بما يضمن التخلص الآمن من مخلفات الأسماك، وعدم انبعاث الروائح الكريهة.
حماية من الفيضانات
وجاء تنفيذ سد البدية كمشروع استراتيجي للدولة باعتبار مردوده الكبير لجهة زيادة المخزون الجوفي بالمنطقة التي تعاني زيادة الملوحة ونضوب الآبار التي جفت نتيجة لقلة الأمطار والهدر الجائر للمياه، ويسهم مشروع السد في الاستفادة من مياه الأمطار بزيادة المخزون الجوفي الذي يمكن بدوره من اتساع الرقعة الزراعية بالمنطقة، وزيادة المساحات المزروعة، كما أن السد أسهم بقنواته المائية التي تسحب فائض السد إلى البحر في حماية منطقة البدية من آثار الفيضانات وسيول الأمطار، وبالتالي أسهم السد في الحفاظ على أرواح وممتلكات أهالي المنطقة.
ويقع السد على وادي البدية بطول 236 متراً وارتفاع 6 أمتار وتبلغ سعته الإجمالية 68 ألف متر مكعب، إضافة إلى ذلك يوجد في الموقع حاجز يبلغ طوله 50 متراً وبارتفاع مترين بهدف تحويل مياه الوادي إلى سد البدية بواسطة قناة ترابية طولها 500 متر وعمق مترين.
وثمّن أهالي منطقة البدية إنجاز مشروع السد، مؤكدين أن المنطقة كسبت كثيراً بإنشائه من حيث حمايتها من جهة، وزيادة المخزون الجوفي الذي يُمكن المزارعين من إنتاج محاصيلهم بالمزارع المنتشرة داخل المنطقة.
وأشاد المواطن «راشد الحمودي» من أهالي منطقة البدية بمكارم صاحب السمو رئيس الدولة التي تؤكد حرصه الدائم على توفير سبل الحياة الكريمة لأبنائه وأهله، ويضيف: لا شك في أن مشروع إنشاء سد البدية أسهم كثيراً في تأمين المنطقة التي تقع على بعد 40 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة الفجيرة من مخاطر السيول وتراكم المياه بفعل هطول الأمطار، كما كان يحدث في السابق. ويساهم في زيادة المياه الجوفية بالمزارع القريبة من الساحل لشدة ملوحة المياه في هذه المزارع من خلال الخزانات الموجودة فى محيط السد «ونحن على استعداد لدفع قيمة المياه المستخدمة فى الزراعة عند توصيلها للمزارع.
ميناء الصيد
من جهته، قال حمدان سليمان رئيس جمعية الصيادين بالبدية، إن مشروع تطوير الموانئ مكن الصيادين المواطنين من أداء دورهم بفاعلية، مشيداً بمبادرات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بتطوير الموانئ، وقال إن موانئ الصيد كافة في الإمارة كانت قبل التطوير متهالكة، وأن مشروع تطويرها وتحديثها بين مدى النهضة والتطور الذي وصلت إليه مختلف مناحي الحياة في الدولة.
وأضاف أن ميناء الصيد بالبدية برغم صغره تم تحديثه وتطويره بحيث يستوعب نحو 40 قارب صيد، يقدم خدماته لأكثر من 100 صياد بالمنطقة، لافتاً إلى أن المشروع أدخل البهجة والسرور في نفوس الصيادين.
وطالب سليمان بإعادة تخطيط وتوسعة الميناء لاستعاب الزيادة الكبير في أعداد وأحجام مراكب الصيد التي كانت في السابق 80 مرسى، يسع كل مرسى طرادَين بحجم 21 قدماً للطراد الواحد، أما الآن فحجم الطراد يبدأ من 35 قدماً ولم يعد الميناء يتسع إلا لطراد واحد في المرسى الواحد.
واشار إلى عدم وجود حواجز أو بوابات لتأمين الميناء ما يعرضه لانتهاكات وتخريب من جانب عمال شركات المقاولات المترددين على المنطقة، وطلاب المدارس وهواة الصيد، ونطالب بعمل حواجز وبوابة دخول وخروج من والى الميناء أسوة ببقية مواني الصيد فى المنطقة.
خدمات أساسية
ورأى المواطن خالد هارون، أن البدية تعد من المناطق السكنية فى إمارة الفجيرة وتحتوي على اكثر من 2000 منزل، وما زالت تصنف كقرية وهي اقرب إلى المدينة من حيث الموقع والمساحة وعدد السكان، ولكن ينقصها بعض الخدمات الأساسية حتى تتحول إلى مدينة عصرية تضاف إلى مدن إمارة الفجيرة لتخدم سكان المناطق المحيطة وترفع الضغط عن المؤسسات الحكومية في مدينة الفجيرة ومدينة دبا الفجيرة.
وطالب بإنشاء مكتبة عامة فى منطقة البدية لخدمة أهالي المنطقة والمناطق المتاخمة لها، مشيراً إلى أن عدم وجود مكتب لتخليص المعاملات الحكومية يتسبب بتكبد أهالي المنطقة مشقة التنقل إلى الفجيرة لاستخراج الشهادات الرسمية وتوقيع معاملات حكومية بسيطة، مثل استخراج شهادة براءة ذمة، وشهادة حسن سير وسلوك، وتجديد جواز السفر.
قال سعيد أحمد الحمودي: لا يوجد في البدية ناد رياضي ليكون متنفساً لتفريغ طاقة الشباب وممارسة أنواع الرياضات، فردية كانت أو جماعية، وعلى من يرغب في ممارسة الرياضة الانتقال إلى الفجيرة، ما يشكل عقبة أمام الكثيرين في ممارسة الرياضة، وإنشاء ناد رياضي سيكون له فوائد عديدة على الصغار والكبار، باعتبار ان ممارسة الرياضة تساعد على تعديل وتهذيب السلوك العام لجميع الأعمار.
وأشار إلى وجود مخطط لإنشاء حديقة عامة لخدمة أهالي المنطقة لتكون مكاناً تجمع للعائلات، ولكن لانعلم موقع الحديقة أو المساحة المرصودة لها من قبل الجهات المعنية، ونأمل ان تتسع الحديقة لتشمل جميع سكان البدية والمناطق المحيطة بها، ونطالب بسرعة الإنجاز لاحتياج المنطقة الشديد لها. وطالب الحمودي بإنشاء فرع لأحد البنوك فى البدية لتسهيل المعاملات البنكية وحركة السحب والإيداع، مشيراً إلى أن عدم وجود مؤسسة مالية فى المنطقة يدفع أهالي البدية إلى الذهاب لمدينة خورفكان لتخليص معاملاتهم، بسبب الضغط الشديد على ماكينة السحب الوحيدة في البدية، في أحد محال البقالة.
البنية التحتية للمنطقة القديمة
وأكد المواطن على عبد الله قصيف، «متقاعد»، ضرورة أعادة هيكلة البنية التحتية لمنطقة البدية القديمة التي تعد منطقة تجمع للعمالة الآسيوية والمخالفين من العمالة الوافدة، وطالب ادارة البلدية باستغلال أرض البدية القديمة لعمل مشاريع خدمية وتنموية تخدم مواطني المنطقة، وتمنع أي تجمعات تخالف القانون بعيداً عن سكن العائلات والأسر. واضاف ان ملف التعليم يحتاج إلى تدخل مباشر من الوزارة لإعادة بناء مدرسة البدية الابتدائية للبنين التي تم إحلالها من قبل الوزارة من 5 سنوات تقريباً، وإلى الآن لم يتم بناء مدرسة جديدة، ما يكبد الطلاب مشقة الانتقال يومياً إلى مدرسة التعليم الأساسي فى منطقة رول ضدنا على مسافة 17كيلومتراً من البدية.
واشار إلى احتياج مدرسة فاطمة بنت عتبة الابتدائية بنات للإحلال والتجديد حيث يعود أنشاؤها إلى عام 1974.
حديقة ومساكن جديدة العام الجاري
رداً على مطالب أهالي المنطقة قال سالم محمد سالم المكسح مدير دائرة الأشغال والزراعة بالفجيرة، إن الدائرة تعتزم إنشاء حديقة جديدة في منطقة البدية ضمن خطة عمل الدائرة للعام الجاري، وإن إدارته تعمل حالياً على دراسة الموقع المقترح لإنشاء حديقة عامة لخدمة أهالي المنطقة والقرى المجاورة بعد معاينة المساحة، وإن حديقة البدية واحدة من حدائق عدة سيتم إنشاؤها في مناطق بالإمارة العام الجاري.
وأكد تخصيص 100 قطعة أرض لإقامة مساكن جديدة لأهالي المنطقة، وجار العمل على تحديد المواقع المتاحة، ووضع الخريطة التفصيلية لأماكن توزيع المساكن الجديدة.
توسعة المركز الطبي والإنارة
قالت المواطنة هدى أحمد الحمودي، إن أهالي البدية أصبحوا في أمس الحاجة إلى زيادة ساعات العمل في المركز الصحي، وإضافة قسم للطوارئ والحالات الحرجة يعمل على مدار اليوم لخدمة أهالي البدية والمناطق المتاخمة لها، فالمركز الصحي حالياً يغلق أبوابة عند الساعة 10مساء، الأمر الذي يجعل الأهالي يتوجهون إلى الفجيرة.
واضافت أن حجم المركز لا يستوعب الزيادة السكانية للموطنين، ويجب على وزارة الصحة توسعة المركز، أو إضافة ملحقات للمبني الحالي مع ضرورة الصيانة الدورية لأجهزة التكييف التي تعاني مشكلات في عملية التشغيل والأعطال المتكررة.
وأشارت إلى افتقاد الشوارع الداخلية وسط الأحياء السكنية أعمدة الإنارة ما يعرض حياة السكان للخطر خلال الخروج ليلاً.
90 % نسبة إنجاز السوق
أكد المهندس حسن اليماحي، مدير بلدية دبا الفجيرة، أن نسبة الإنجاز في مجمع سوق الفواكه والخضروات واللحوم والأسماك في منطقة البدية بلغت 90%، بتكلفة تصل إلى 5 ملايين درهم، مشيراً إلى أن المشروع يخدم أهالي البدية والمناطق المجاورة لها، وسيتم الانتهاء من أعماله خلال الشهور المقبلة.
وتصل مساحة المجمع الإجمالية إلى 2470 متراً مربعاً، ويتألف من طابق أرضي، يحتوي على 50 محلاً تجارياً، إضافة إلى 170 موقفاً مخصصاً لمركبات زوّار السوق.
وسيضم المشروع مقصباً آلياً جديداً بالبدية لتلبية احتياجات أهالي المنطقة والمناطق القريبة منها، تعمل جميعاً بنظم التكييف المركزي، وبما يضمن التخلص الآمن من مخلفات الأسماك، وعدم انبعاث الروائح الكريهة.
وأشار إلى انتهاء إدارة الشؤون الهندسية والأراضي من عمل المخططات اللازمة لمشروع مبنى بلدية دبا – فرع البدية، للتسهيل على المراجعين بالمنطقة والمناطق القريبة منها استخراج تصاريح البناء وتراخيص مزاولة الأعمال التجارية والصناعية.
تحقيق: محمد صبري
