تتسع يوماً بعد يوم فكرة العمل التطوعي لدى الطلاب والطالبات، وأهمية العطاء، الذي يعود بالفائدة عليهم وعلى المجتمع المحلي. وتتجه الأسر والمدارس لتعليم الأجيال فكرة التطوع والبذل في سبيل تحسين المجتمع دون مقابل. لذلك، عمدت مدرسة الرحيب للتعليم الأساسي والثانوي (ح 2)، إحدى مدارس منطقة الفجيرة، على البدء من الآن في تكريس ثقافة التطوع والعمل الخيري، من خلال تنظيم معسكر تطوعي تحت عنوان «كلنا فزعة» بمشاركة 200 متطوعة من الطالبات والمعلمات وأولياء الأمور، إذ تنوعت الأعمال التطوعية في المعسكر، التي انصبت في نهاية المطاف في خدمة المدرسة والمجتمع المحلي.
وتضمن المعسكر أعمالاً تطوعية عدة في مجال الخدمات الإنسانية ومد يد العون للمحتاجين، إذ جمعت الطالبات الملابس الشتوية والبطانيات والعمل على ترتيبها وتنظيمها بقصد إرسالها إلى المحتاجين إليها خارج الدولة بالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتي، كما تضمن المعسكر تقديم المساعدات الإنسانية للمرضى والمحتاجين داخل الدولة خصوصاً فئة العمال، وكذلك توفير المستلزمات الأساسية للمستخدمين في المدرسة، بقصد إدخال البهجة إلى قلوبهم وتحقيقاً للتضامن والتكاتف الاجتماعي بين الجميع.
وقُدمت خدمات عدة في مجال البيئة المدرسية، إذ هيأت مجموعة من الطالبات وأولياء الأمور بالتعاون مع دائرة الأشغال بالفجيرة الأرض أمام المبنى وزراعتها بمختلف أنواع الزهور والنباتات، كما جمّلت بعض أركان المبنى المدرسي كالصالة الرياضية ودورات المياه وساحات المدرسة، كما زارت مجموعة من الطالبات الجمعيات النسائية ومنازل المواطنين في مدينة الفجيرة، لتوعيتهم ببعض الأخطار المنزلية، وكيفية التصرف السليم لتحقيق مجتمع ينعم بالأمن والسلامة.
مريم محمد الحساني، مديرة مدرسة الرحيب للتعليم الأساسي والثانوي (ح2) تقول: «هذا المعسكر التطوعي ينعكس تأثيره الإيجابي في المشاركات من الطالبات بمختلف فئاتهن العمرية والمجتمع المحلي في نفس الوقت، إذ يهدف المعسكر إلى تعزيز الولاء والانتماء لديهن، وتعميق وعيهن وتعزيز ثقافتهن تجاه حماية البيئة، وتقديم يد العون للمحتاجين وذوي الإعاقة، وأهمية العمل التطوعي وخدمة المجتمع، إضافة إلى تعزيز العمل التشاركي بين الطالبات وأولياء الأمور وتعميق علاقات المحبة والصداقة فيما بينهن».
وتضيف: «تحقيقاً لأهداف وزارة التربية والتعليم في نشر الثقافة بأهمية العمل التطوعي وأثره في خدمة المدرسة والمجتمع المحلي، وهو سمة المجتمعات المتحضرة، ومبدأ متأصل في ديننا ينميه الدعم الكبير من القيادة الرشيدة، لذلك يجب علينا أن نغرسه في طالباتنا، ونفرد له جزءاً من
خططنا المدرسية، والمعسكر يأتي من هذا المنطلق، ولتعميم المزيد من الثقافة بأهمية العمل التطوعي تمت دعوة أولياء الأمور للمشاركة». والمعسكر، بحسب حليمة مسعود الاختصاصية الاجتماعية بالمدرسة، فرصة لإبراز الطاقات القيادية للطالبات، خصوصاً بعد تفعيل مجلس الطالبات في قيادة الفرق، وتعويدهن على تحمل المسؤولية وتغذية الحس الوطني لديهن، كما تم تفعيل مجلس الأمهات اللاتي استجبن للدعوة وانخرطن في العمل التطوعي.
وتؤكد مسعود، أن لتفاعل الطالبات مع المجتمع المحلي دوراً فاعلاً في إبراز مهاراتهن الاجتماعية والقيادية، إذ بادر بعضهن بالتحدث ومحاورة الأمهات عن مخاطر المواد الكيميائية بكل طلاقة، وأهمية وجبة الإفطار وأثرها في تركيز وتحصيل أبنائهن، وكان هناك تفاعل ممتاز من أولياء الأمور وترحيب جيد بالمعلومات الجديدة التي أضافتها الطالبات لهن. كما قررت معظم الأمهات تبني سلوكيات وعادات صحية لا تضر بصحتهن وصحة أبنائهن والبيئة المحيطة.
المعلمة عائشة رحمة منسقة فريق فزعة في المدرسة، تقول: «جاءت فكرة المعسكر من رغبتنا جميعاً في القيام بأعمال تطوعية تخدم مختلف الفئات في المجتمع في وقت لا يتعارض مع مهامنا في التدريس، فكان السبت أنسب الأيام زمناً، ووضع الفريق خطة للمعسكر بعد التشاور مع جميع أعضاء الهيئة الإدارية والتدريسية لتحديد اليوم والمهام، أعقبها جلسة عصف ذهني للأعمال التطوعية، أما أكبر دور لي في يوم المعسكر هو متابعة تنفيذ الخطة والفعاليات، وكذلك متابعة إتمام العمل في جو من الأمن والسلامة للجميع».
وتوضح خولة راشد النقبي، مساعدة المديرة، أن اللائحة السلوكية التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم لهذا العام وطبقتها في مدارسها شجعت الطالبات والمعلمات وحفزتهن للقيام بالعمل التطوعي، خصوصاً أن درجة العمل التطوعي تُحسب في مجموع الطالبة، وكان لمشاركتهن في هذا اليوم كمتطوعين جنباً إلى جنب مع الطالبات أثره الكبير في خلق جو من الألفة.
وتشير خلود محمد سالم سعيد المنصوري، معلمة علوم، إلى أن تجربة العمل التطوعي في مجال الزراعة كانت مهمة جداً للطالبات، ومن خلالها تعرفوا إلى نوعية التربة الزراعية وأهم مميزاتها، ما أفادهن في حياتهن العملية، خصوصاً أن أغلبية سكان المنطقة يملكون المزارع، ويمكن أن تفيد الطالبات أهلهن من خلال تقديم النصيحة بالأنواع المناسبة للزراعة وكيفية المحافظة عليها وتوفير السماد اللازم لها بالشكل المنتظم، لافتة إلى أن مناهج الصف التاسع تخدم هذا الجانب، مؤكدة أن عملهن هذا أساهم في جعل المدرسة خضراء.
الطالبة جمانة راشد سليمان الزيودي، شاركت في الحملة التوعوية عن «أهمية وجبة الإفطار صباحاً»، وذكر أهمية التغذية السليمة، ولماذا تعد من أهم الوجبات اليومية التي يجب على كل إنسان تناولها. تقول: «شاركنا تحت إشراف معلمات مدرسة الرحيب، في توزيع الأنواع المختلفة من الأطعمة المفيدة التي يجب تناولها بشكل دوري، كما أجرت مدرستنا حصراً للطالبات اللاتي لا يتناولن وجبة الإفطار الصباحي، فكان من ضمن الإجراءات العلاجية مقابلة وتوعية الأمهات بضرورة تناول الطالبة للإفطار».
وشاركت الطالبة نوف عبيد الزيودي، في المحاضرة التوعوية بشأن «أضرار المبيدات الحشرية»، إذ أوضحت فيها مخاطر المبيدات الحشرية الكيميائية التي تؤدي لمخاطر صحية، وتتسبب في عدد من أمراض الأطفال وكبار السن، وربما تضر الأشخاص الذين يعانون الربو وحالات ضيق التنفس، إلى جانب أنه أحد الأسباب الأساسية في تلوث الجو، وتشير الطالبة ريم عبد الله، إلى مشاركتها في توعية إرشادية عن «مخاطر استخدام البلاستيك» إذ أوضحت للأهالي مخاطر البلاستيك على الصحة، وتحلله إلى مواد مسرطنة حين يتعرض إلى درجات حرارة مرتفعة، لذا يمنع من وضع الأكل به.
الطالبة لولوة أحمد تقول: «كنت ضمن فريق تنظيم وترتيب الملابس المستعملة، وسبق وأعلنا عن المعسكر ورغبتنا في تجميع الملابس المستعملة وإعادة تهيئتها للمحتاجين، فتعاونت معنا طالبات وأمهات ومعلمات المدرسة ثم شاركت أنا وزميلاتي في تصنيفها وكيها وتبخيرها وتقسيمها حسب النوع والسن، وتعبئتها في حاويات خاصة لجمع الملابس ومن ثم إرسالها لمستحقيها».
التوعية والوقاية
تؤكد إيمان سالم، معلمة اللغة الإنجليزية، أنه كان للطالبات الدور الرئيسي في قيادة فريق التوعية المجتمعية، إذ خاطبن أولياء الأمور بالنتائج الإيجابية لتناول وجبة إفطار صحية، ومدى تأثيره في التحصيل الدراسي، وتطرقت مجموعة أخرى من الطالبات للحديث عن خطورة استخدام العلب البلاستيكية لإعادة التخزينة. وتقول المعلمة هدى الختي، المشاركة بالمعسكر: «كنت ضمن فريق التوعية المجتمعية قسم التوعية بالأخطار المنزلية، خصوصاً الاستعمال الخاطئ لبعض المنظفات والتحذير من مخاطرها، وأثرها في صحة المجتمع، وتولدت فكرة توعية مجتمعنا من مخاطر المنظفات».
وانصبّ تركيز أميرة خميس المرحوم، معلمة تقنية المعلومات في المدرسة، وفريقها، على تدريب الطالبات على إنتاج العصائر والمشروبات الطازجة وبعض الوجبات الخفيفة والمفيدة.
يد العون والمساعدة
تشير المعلمة فاطمة أحمد سعيد الحمودي، إلى أنها تهوى منذ طفولتها أعمال التشجير والبستنة، ولذا اختارت أن تكون ضمن فريق الزراعة، وتؤكد سعادتها وهي تشارك العمل مع الطالبات في عمل خارج نطاق الدروس لإنجاز هدف واحد.
وتضيف المعلمة آمنة حمدان الزيودي: «ذهب البعض منا إلى تجميل وتحسين المرافق، وجرت تهيئتها لاستقبال المشاريع المدرسية خصوصاً موضوع القراءة، أما الجزء الآخر من الفريق فعمل على تجميل دورات المياه، وإضافة اللمسات الجمالية عليها، وتزويدها بمختلف الاحتياجات، وتزين جدرانها ووضع النصائح الإرشادية في الأماكن البارزة».
مريم على سيف معلمة التربية الإسلامية تقول: «أعددنا حصراً لبعض الأسر التي يوجد لديها مرضى والمحتاجة لإعانات طبية، ووفرنا احتياجاتهم بالتنسيق مع الجهات المختصة».
وتوضح مريم راشد علي، معلمة الجغرافيا، مهمتها قائلة: «كانت مهمتي وفريقي هي تقديم المساعدات العينية للعمال القاطنين في منطقة ضدنا والمناطق المجاورة لها، وأيضاً شملت المساعدات الشتوية عمال مدرستنا والمدارس المجاورة».
مشاركة الأمهات
جميلة حسن، من مجلس الأمهات، تقول: «دعينا للمعسكر من قبل إدارة المدرسة، ووصلنا في الوقت المحدد، وتم توزيعنا كأمهات على الفرق التي شكلتها المدرسة، وشاركنا في الأعمال التطوعية جنباً إلى جنب مع المعلمات وإدارة المدرسة والطالبات، وأحسسنا أن الجميع يعمل للإحسان إلى وطنه، ونشكر إدارة المدرسة على إتاحة الفرصة لنا للمشاركة في المعسكر».
وتشير إلى أنها شاركت في توزيع المستلزمات المدرسية للأيتام، وتنظيم الملابس بشتى أنواعها وترتيبها وإرسالها إلى خارج الدولة، كما شاركت في زراعة الساحة الخارجية للمدرسة، وتوزيع مستلزمات شتوية على العمال.
بكر المحاسنة