جمعتهم الأخوة في منزل واحد، غلفت أجواءه بالترابط والصداقة، فكان لا بد أن يكون نتاج ذلك أن يتأثر الصغير بالكبير، وأن تكون العلاقة بين أفراد الأسرة في أكمل صورها، ذلك ما تجسد في منزل شهيدي أسرة البلوشي راشد وحامد اللذين ودعا الدار الدنيا للقاء ربهما فرحين مستبشرين، بعد أن نالا شرف الشهادة دفاعاً ونصرة للمظلومين في أرض اليمن. عامان فقط كانت الفارق بين انضمام راشد وحامد للخدمة العسكرية.
حينما تبلورت طموحات حامد بعد أن شاهد شقيقه بزي الشرف والعزة، ليصمم على الدخول إلى العسكرية مهما كان الثمن، ويتحقق حلمه وتمضي السنوات، فيرافقان بعضهما من المنزل اللذين ترعرعا فيه إلى نصرة المظلوم، ويعودان بعد أسبوعين من هذه المهمة رافعين راية الشهادة والفخر لأسرتهما ووطنهما، تلك هي نبذة قصيرة عن حياة الشهيدين التي يروي تفاصيلها شقيقهما عبدالله محمد عباس البلوشي، حيث قال : «إن الشهادة مبتغى كل فرد على أرض الوطن، وهي فخر ووسام على صدور الشهداء وذويهم.
وتيرة الحماس
وأوضح عبدالله أن شقيقيه التحقا بالخدمة العسكرية منذ سنوات طويلة، وشاركا في مهام خارج الدولة، وكانا مقدمين ومندفعين للمشاركة في المهام، مشيراً إلى أنهما غادرا الدولة في هذه المهمة قبل أسبوعين من استشهادهما، حيث كان آخر لقاء مع أفراد أسرتهما التي تتكون من 17 فرداً قبل ذلك بأيام قليلة. وأشار عبدالله البلوشي إلى أن شقيقه الشهيد راشد يبلغ من العمر 32 عاماً التحق بالخدمة العسكرية منذ أكثر من عشرين عاماً، وكان مخلصاً لعمله ولديه روح عالية تجاه الوطن.
صلة الرحم
وأوضح أن الشهيد راشد لديه ثلاثة أبناء هم مريم ابنة الأربعة عشر ربيعاً وموسى الذي يصغرها بعامين وسلطان ابن السبعة أعوام.
أما شقيقه حامد الذي التحق بالخدمة العسكرية منذ أكثر من 18 ويصغر شقيقه الشهيد راشد بعامين، لديه 5 أبناء أكبرهم عائشة ابنة العاشرة يليها محمد وعبدالله وشما وزايد، لافتاً إلى أن شقيقه عرف بروحه المرحة بين أفراد أسرته، وأخلاقه العالية بين جيرانه وأصدقائه.
من جانبها قالت ميعاد محمد زوجة الشهيد حامد عباس البلوشي «إنها فجعت حين تلقت خبر استشهاد زوجها من خلال اتصال هاتفي وردها من القوات المسلحة، وفي ذات الوقت شعرت بالفخر والاعتزاز لكونه استشهد وهو يؤدي واجباً وطنياً جليلاً».
وأشارت إلى أن للشهيد خمسة من الأبناء (ثلاثة أولاد) و(بنتان) أكبرهم يبلغ من العمر عشرة أعوام، وكان في كل اتصال يوصيها على الاهتمام بهم، وطلب منها في الاتصال الأخير بأن تعطي كل واحد من أبنائهما 20 درهماً كتحفيز لهم في أول يوم دراسي.
زوجة الشهيد
من جهتها قالت مريم موسى زوجة الشهيد راشد «إن لديه أربعة من الأبناء أكبرهم في الثانية عشرة من عمره، وكان قريباً جداً منهم حتى أثناء تأدية واجبه الوطني كان يحرص على التواصل معنا والاطمئنان علينا، مشيرة إلى أنه كان ذا أخلاق إنسانية عالية إذ كان يحب الجميع ويخدمهم وكان العون والسند للجميع خصوصاً أهل بيته وأخوته، إذ لم يكن يتردد في تقديم العون لمن يطلب منه ذلك».
وأضافت «شهادة زوجي وسام شرف وطني نعتز به أنا وأبناؤه ما حيينا».
وأكملت «آخر رسالة نصية وصلتني من زوجي عبر الهاتف المحمول كانت في الساعة 6:52 دقيقة صباح أول من أمس، والتي بعثها قبل وفاته بساعات قليلة وكأنه يشعر بقرب أجله وبنيله الشهادة، وكان محتواها «صباح الخير اشتقت لكم كثيراً».
وذكرت اختهما الكبرى فاطمة محمد عباس البلوشي «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقهما لمحزونون» مشيرةً إلى أن إحساس الفخر والاعتزاز قد اختلط مع الحزن وألم فقد شابين في يوم واحد».
وقالت والدة الشهيدين : سليمة محمد حامد، والدة الشهيدين حامد وراشد محمد عباس البلوشي، من منطقة طريف بمدينة كلباء في الشارقة، إنها قدمت فلذتي كبدها فداء للوطن وللذود عن كل بيت إماراتي، معبرة عن اعتزازها بنيل ابنيها شرف الشهادة، على الرغم من أنها ستفتقدهما كثيراً.
المصدر:
الفجيرة – البيان