مساء كل خميس وجمعة يبدأ الناس بالتوافد إلى ساحة المصارعة المخصصة لصراع الثيران بالفجيرة في الجانب الغربي من كورنيش الفجيرة، لقضاء وقت من الأنس والحماس في حضرة أبطال المنافسة في الميدان حيث الإحساس بالبهجة والفرح المقترن بروح الحماس والتشجيع.
إذ تعد ساحة «نطاح الثيران» بالفجيرة موقعا حيا بالزوار قبل المغيب لمتابعة البطولات التي تعد كرنفالاً شعبياً اعتاد عليه اهل الإمارة وقاطنوها، رغم ضعف الدعم الذي يلاقيه هذا الحدث السياحي المهم.
نشاط تراثي
فنطاح الثيران من الرياضات الشعبية التي تحظى بمتابعة الكثير من المواطنين والمقيمين. وهي من أبرز الأنشطة الشعبية التراثية التي اشتهر فيها أهالي الفجيرة والساحل الشرقي منذ مئات السنين، وما زال الأهالي مهتمين بهذه الرياضة، ويشاركون فيها ويتنافسون على الثور الفائز، حيث يتجمع الناس مساء كل خميس وجمعة وبحماس منقطع النظير لمتابعة هذه الرياضة بعد توقف إجباري خلال شهر رمضان المبارك بغرض إراحة الثيران من جهد النطاح.
ويوضح هاني العوضي الشخص القائم على تنظيم جولات النطاح بالفجيرة أن الهدف من إقامة منافسات النطاح كل أسبوع هو التمسك بهذه الرياضة الشعبية، التي تتميز بها إمارة الفجيرة، بالإضافة إلى أنها أصبحت ملتقى الناس ومحبي هذا النوع من التنافس، كما أنها تخلق تنافسا شديدا بين ملاك الثيران، فصاحب الثور الفائز يتردد اسمه على فترات طويلة ويحظى بالتصفيق والتشجيع وتقدم له التهاني، مضيفا إلى تزايد سعر البطل في الجولات وقت عرضه للبيع إلى مبالغ قد تصل إلى 150 ألف درهم.
حلبة المصارعة
ويضيف: «تقوم لعبة نطاح الثيران على دخول ثورين إلى حلبة المصارعة يتركان إلى أن يجبر أحدهما الآخر على الفرار أو التوقف عن النزال وعندئذٍ يكون الثور الفائز الذي يحظى باهتمام كبير من قبل المشاركين ومربي الثيران ويتضاعف ثمنه، خصوصا إذا ما تكرر فوزه في المنافسات، حيث يستطيع المشتري متابعة بطولاته عبر الافلام الموثقة لكافة جولات المنافسة على قناة «اليوتيوب» في شبكة الإنترنت.
ويلفت العوضي إلى أن جمهور النطاح يأتي من كل مكان حتى من الدول الخليجية المجاورة مثل سلطنة عمان، كما أن الكثير من المواطنين والمقيمين مهتمون بهذه الرياضة حتى إن كورنيش الفجيرة يتحول مساء كل أسبوع إلى تجمع لكل محبي نطاح الثيران وسط التصفيق والتشجيع، رغم اسفه الشديد على قلة الدعم والرعاية التي من المفترض أن تحظى بها مثل هذه الفعالية التي مازالت تواصل مسيرها وتوسعها في العروض حتى اليوم.
منافسات
وفي حديثه عن هذا الحدث الرياضي الشعبي قال: لابد أن تحظى منافسات نطاح الثيران باهتمام ودعم أكبر، حيث يطمح مربو الثيران ومحبو هذه الهواية بالإمارة بأن يكون لهم موقع مجهز بمدرجات للجمهور لحمايتهم من خطر هيجان بعض الثيران وقت المنافسة، مشيرا إلى رغبتهم الشديدة وتكرار مطالبهم في أن تحظى هذه الرياضة الشعبية ببطولات سنوية رسمية منظمة، لما تمثله من مشهد سياحي وشعبي مهم، يبرز دورها في الأيام التراثية والفعاليات الوطنية والسياحية التي يسلط الضوء فيها على اسم الإمارة.
وأشار أنه في هذه الأيام يستقطب الميدان الأخضر كما يلقبونه جمهور هذه الرياضة وهو حلبة مصارعة الثيران أعدادا متزايدة من السياح والزوار من محبي الإثارة والتشويق والمتعة والتصوير، لقضاء أوقات جميلة ومملوءة بالإثارة والتسلية والحماسة من قبل المنظمين والجماهير.
موروث ورياضة ترفيه عن النفس
المصارعة جزء من الموروث الشعبي للإمارات عامة والفجيرة خاصة، وظهرت هذه الرياضة قديماً لأن الناس أو سكان المنطقة لم يحظوا بالكثير من وسائل الترفية للترويح عن أنفسهم في الأعياد وأوقات الراحة، وبعد الطفرة الحضارية التي شهدتها الدولة وسكانها بعد قيام الاتحاد، والتي كان من بينها ظهور الأجهزة والآلات التي تستخرج المياه من الآبار الأمر الذي همش من دور الثيران المحلية التي يمتلكها أصحاب المزارع كادت تتلاشى. وانتشرت هذه الهواية كنوع من الترفيه عن النفس، نظراً للحالة الصعبة التي كانوا يعيشونها قبل الطفرة وقيام الاتحاد.
ترفيه
وعن ذلك قال حمد شاكر: أحب أن يخوض مجال تربية وتدريب الثيران للمنافسات منذ 2010 ومازال مستمراً حتى اليوم، حيث زاد حماساً بها بعد فوز أبطاله في عدد من الجولات، مشيرا إلى ان في اليوم الواحد تصل عدد جولات المصارعة 30 جولة أي ما يعادل مشاركة 60 من الثيران المدربة، وهو ما يعكس حجم التوسع من هواة هذه اللعبة الشعبية في المنطقة.
مشيرا إلى رغبة عدد من المواطنين في إمارات أخرى خوض هذا المجال، إذ يتكبد البعض منهم عناء التنقل وقت المنافسات من إمارات أخرى مثل عجمان إلى الفجيرة للاستمتاع بأجواء النطاح والمشاركة بثيرانهم في المنافسات، كما طالب أن تحذو الإمارات الأخرى بالدولة حذو الفجيرة في تشييد ميدان للمنافسة بما يمسح لهم خوض منافسات جديدة وتعميم تجربة هذه الرياضة الشعبية على مستوى الدولة ودول الجوار.
سعادة الجمهور
المواطن علي الكندي عبر عن سعادته بمشاهدة الحدث في الفجيرة، حيث يستمتع هو وزملاؤه بأجواء المنافسات والتشجيع في الحلبة، مؤكدا أن على أبناء الإمارات وخاصة الفجيرة المحافظة على هذه اللعبة الشعبية خاصة أنها تحظى برعاية كبيرة من المواطنين والملاك.
فيما قالت زليخة يعقوب متفرجة من إمارة الشارقة: انها فوجئت بحجم الإقبال الجماهيري الكبير من قبل العرب والأجانب من كافة الفئات العمرية ومن النساء والرجال الذين يأتون لرؤية مشهد تمتزج فيه المتعة والإثارة والتشويق من دون سفك للدماء أو عنف لا يرحم الثور كما يحدث في إسبانيا. كما ويعد الحدث فرصة رائعة للمصورين، حيث تلتقط كاميراتهم صوراً جميلة.
ويلفت مبارك ابراهيم مواطن عماني: أنه حريص على حضور فعاليات نطاح الثيران بالفجيرة، حيث اجواء الحماس والتشويق والمنافسة، رغم ضعف الإمكانات التي يحظى بها ميدان المنافسة، حيث نفترش الارض لنعيش أجواء الجولات، مشيرا إلى أن الفجيرة بالنسبة لهم أصبحت وجهة ترفيهية يقصدونها بشكل دائم لحضور المنافسات.
عرفت الفجيرة رياضة «نطاح الثيران» منذ القدم وكان ميدان التنافس القديم موجوداً في منطقة مدينة الفجيرة القديمة، وكانت الساحة عبارة عن أرض ترابية وعندما يحمى الوطيس بين الثيران تتصاعد أعمدة التراب لتغطي الجمهور، ويزيد القلق على «الفتاك»، وهو الاسم الذي يطلق على الشخص الذي يفصل بين الثيران المتناطحة، مشيرا إلى أن بعض الثيران تفر من المعركة وسط متابعة واستهجان الحضور من هذا الثور الذي يلقب بالمغلوب أو المهزوم.
ظهرت هذه الرياضة قديما، ومع مرور الوقت أصبح الحدث رياضة أو هواية محلية لفتت انتباه الصغار والكبار.
ابتسام الشاعر