ألقى المخرج البولندي كريستوف ورليكوفسكي، كلمة اليوم العالمي للمسرح، إذ اختارته الهيئة الدولية للمسرح لكتابتها هذا العام، على خشبة دبا الفجيرة، ضمن الاحتفالية الخاصة التي نظمتها هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، مساء أول من أمس، في مسرح دبا الفجيرة، بحضور رئيس الهيئة الدولية للمسرح، المهندس محمد سيف الأفخم، وأعضاء المكتب التنفيذي للهيئة.
«غداً» و«تخت الإمارات» شهدت احتفالية هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام الخاصة عرض فيلم قصير (ثماني دقائق) عن المخرج البولندي كريستوف ورليكوفسكي، الذي كرمه محمد سيف الأفخم بدرع الهيئة. فيما تابع الجمهور عقب الكلمات الرسمية عرض مسرحية لمجموعة من الطلبة بعنوان «غداً»، تأليف الطالب عبدالله الخديم، وإخراج الطالب أحمد عبدالله، ومن إنتاج مدرسة حمد بن عبدالله للتعليم الثانوي، وهو العرض الحائز جائزة أفضل عمل في مهرجان الفجيرة للمسرح المدرسي. فيما اختتم الحفل بعدد من المعزوفات الموسيقية التي أداها الفنان علي الحفيتي، وفرقته «تخت الإمارات». |
ورحب الأفخم بوجود المخرج ورليكوفسكي في الإمارات، في هذه المناسبة العالمية، شاكراً الشيخ راشد بن حمد الشرقي، رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، على دعمه اللامحدود في إنجاح هذه الليلة المسرحية العالمية.
وأشار الأفخم في الكلمة التي ألقاها خلال افتتاح الاحتفالية، إلى أن التقدير العالمي الذي ناله المخرج البولندي اليوم بكتابة الكلمة العالمية، سبق أن ناله عدد من المسرحيين العرب، في مقدمتهم رجل المسرح والدولة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي كتب كلمة يوم المسرح العالمي 2007، وفي هذا الحضور العربي المسرحي المؤثر عالمياً، المتمثل في التقدير العالمي للمسرحيين العرب ما يؤكد عراقة المسرح العربي، وقدرته التنافسية على مسارح العالم.
ووصف الأفخم المسرح بـ«فن التناقضات والدوران في فلك الإنسان، وهو الملاذ القديم الأول لإنعاش الذات وإعادة بنائها في جانبها الجمالي والفكري»، مؤكداً أنه «يبرز دائماً كعلامة متفوقة تشير إلى أهمية بناء الإنسان، وتهتم بديمومته، وتسعى لانخراطه في الحركة الاجتماعية الأكبر، وهو بهويته الإنسانية يتخطى حدود التضييق العرقي والإقليمي لما هو أبعد، فيجدّ ويجتهد كي يمرر مشروعه الكبير في جعل الفن قيمة كالقيم العلمية والعملية، وفي بناء الشخصية الإنسانية بناءً يحتكم لمعايير الجمال والخلق والإبداع».
وتابع الأفخم «إننا بحاجة أكبر من حاجة أسلافنا إلى مسرح ذي ملامح يحمل خصوصية هويته، ويقترح حلولاً تبادلية لأزماته من أجل الاندماج والتعايش، وخلق بنية مجتمعية متوازنة تؤمن بمثلى القيم وتنشد السمو والتجلي».
من ناحيته، سلط المدير العام للهيئة الدولية للمسرح توبياس بيانكوني، في كلمته الضوء على مسيرة المخرج كريستوف ورليكوفسكي، لافتاً إلى أن اختياره لكتابة الكلمة العالمية جاء كونه من أهم المبدعين في المسرح المعاصر، ولأنه قاد ممثليه بقوة وإصرار لإنتاج أعمال تعد من أهم الأعمال المسرحية وأفضلها في العالم.
وصعد المخرج ورليكوفسكي إلى خشبة المسرح، وحيا جمهور الفجيرة وضيوفها قبل أن يقرأ كلمته العالمية باللغة الإنجليزية.
بعدها ألقى الكاتب والمخرج الإماراتي ناجي الحاي، الكلمة ذاتها باللغة العربية، التي تولت ترجمتها رئيسة المركز المصري للمعهد الدولي للمسرح، الدكتورة نهاد صليحة.
وتمحورت كلمة المسرح العالمي لهذا العام حول رؤية ورليكوفسكي لأبي الفنون، فقال «إن العثور على الأساتذة الحقيقيين لفن المسرح أمر سهل للغاية، بشرط أن نبحث عنهم بعيداً عن خشبته، فهم غير معنيين بالمسرح كآلة لاستنساخ التقاليد أو إعادة إنتاج القوالب أو الصيغ الجامدة المبتذلة، بل يبحثون عن منابعه النابضة وتياراته الحية التي غالباً ما تتجاوز قاعات التمثيل».
وتناول ورليكوفسكي التحولات التي شهدتها العلاقات بين البشر، تلك التي تنبأ بها كتّاب مثل فرانز كافكا وتوماس مان ومارسيل بروست وجون ماكسويل كوتزى، داعياً إلى أن يستمد المسرح قوته من مغالبته، أي من استراق النظر داخل كل المناطق المحرمة، على حد تعبير المخرج البولندي. وأضاف ورليكوفسكي «تسعى الأسطورة إلى شرح ما لا يمكن شرحه، ولما كانت الأسطورة قائمة على الحقيقة، فلابد أن تنتهي إلى ما يستعصي على التفسير.. هكذا وصف كافكا تحول بروميثيوس في الأسطورة المعروفة، ولدي إحساس قوي بأن المسرح يجب أن يوصف بهذه الكلمات نفسها، فهذا النوع من المسرح القائم على الحقيقة، الذي يجد غايته في ما يستعصي على الشرح والتفسير، هو ما أصبو إليه وأتمناه لكل العاملين في المسرح، سواء كانوا على خشبته أو بين جمهوره، أتمناه من كل قلبي». يشار إلى أن الحفل حضره الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، الكاتب الإماراتي إسماعيل عبدالله، ومدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام ومدير أيام الشارقة المسرحية، الفنان أحمد بورحيمة، ومدير إدارة المشاريع والفعاليات بالإنابة ورئيس اللجنة المنظمة لمهرجان دبي لمسرح الشباب في «هيئة دبي للثقافة والفنون»، الفنان ياسر القرقاوي، إلى جانب نخبة من نجوم المسرح العربي والإماراتي.
الامارات اليوم