تسعى دول مجلس التعاون الخليجي جاهدة إلى تنويع وتعزيز مصادر الدخل، حيث بذلت جهودا حثيثة على مدار العقود الماضية في سبيل بناء نموذج ناجح من النمو الاقتصادي القائم على مجموعة متنوعة من القطاعات الجديدة.
وبرز قطاع البناء والتشييد في دول المجلس التعاون كنتيجة لهذه الجهود المتواصلة، وبات يحتل مكانة عالمية ريادية. وتأتي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في طليعة هذا النمو. ومن المتوقع أن يشهد قطاع البناء والتشييد طفرة جديدة مع إعلان حكومات دول المجلس مؤخرا عن إقامة مشاريع بنى تحتية كبرى، حيث تبلغ قيمة مشاريع البناء والتشييد القادمة والمعلن عنها حتى يونيو 2014 نحو 2.8 ترليون دولار ، وتتراوح مراحل هذه المشاريع ما بين مرحلة الدراسة المبدئية إلى مرحلة التشغيل.
ومن المتوقع أن تواصل المملكة العربية السعودية ريادة المنطقة في حجم المشاريع المعلنة حيث تخطت القيمة الإجمالية للمشاريع المخطط لها أو قيد الإنشاء في المملكة حاجز 700 مليار دولار ، لتمثل 48% من قيمة العقود الممنوحة بدول مجلس التعاون. هذه الطفرة العمرانية المتسارعة سترفع معدلات استهلاك المنتجات المحجرية، مع توقعات بحاجة المملكة إلى ما يزيد عن 327 مليون طن من منتجات المحاجر في العام 2014.
توقعات إنتاج واستهلاك منتجات المحاجر في دول مجلس التعاون الخليجي للعام 2014 (بالمليون طن).
وبالنظر إلى المستقبل، يبدو أن المملكة العربية السعودية قد تحتاج إلى إبرام اتفاقيات استيراد للمنتجات المحجرية بغية تلبية الطلب المتزايد في مشاريع البناء والشييد المحلية. في المقابل تستحوذ الإمارات العربية المتحدة حاليا على فائض انتاج بواقع 106 مليون طن، مع إمكانية زيادة الطاقة الإنتاجية من منتجات المحاجر في الإمارات، ونموها لتلبية استمرار نمو الطلب على المستويين المحلي والإقليمي وبخاصة التجارة البينية ضمن دول مجلس التعاون. وتُعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة حاليا ثالث أكبر الدول المصدرة لمنتجات المحاجر في العالم، ومن المتوقع أن تزيد إنتاجها بنحو 20 مليون طن سنويا ما بين عامي 2015 و2019.
وفي ظل وفرة الانتاج الإماراتي وزيادة الطلب السعودي، تأتي إمارة الفجيرة في قلب التوسع في منتجات المحاجر في الإمارات العربية المتحدة. وبفضل موقعها الاستراتيجي الذي يؤهلها لتزويد دول مجلس التعاون الخليجي بمنتجات المحاجر، من المتوقع أن تشهد منتجات المحاجر في الإمارة نموا على صعيد حجم الإنتاج انسجاما مع توسع الطلب في المنطقة من نحو 100 مليون طن في العام 2015 إلى نحو 145 طن في العام 2019. وتتصدر قطر والكويت حالياً قائمة الدول المستوردة من منتجات المحاجر والموارد الطبيعية التي تزخر بها الفجيرة. وقد أدت اتفاقيات الاستيراد إلى قيام الفجيرة بتطوير البنى التحتية واللوجستية اللازمة لإدارة عمليات واسعة النطاق. وبالنظر إلى المستقبل، أسهمت هذه الخبرة التي تمتلكها الفجيرة، واستطاعتها الإنتاجية الواسعة على إنتاج وتوريد منتجات المحاجر لتلبية الطلب المتصاعد في سوق تصدير منتجات البناء والتشييد التي تشهد نموا، في جعل الإمارة الخيار الأول لدول مجلس التعاون الخليجي الساعية إلى الاستفادة من الطفرة القادمة في قطاع البناء والتشييد.
دنيا الوطن