أفق شمس دافئة، تعكس خيوطها على صفحات البحر، فترتسم صور الطبيعة الفاتنة، التي تغري الزائر بالمكوث بين أحضان المكان . “كورنيش الفجيرة” يحمل بين طياته حكايات الناس ومتعة الراحة، فمن يبحث عن الاسترخاء بعد أسبوع عمل طويل يجده في رحابه ويتعرف إلى مزايا الطبيعة ولوحات الجمال الحاضرة، تجولنا مع الناس في رحلة ممتعة مع المشاعر والأجواء الخاصة التي يفرضها المكان، فماذا قال الزوار وكيف وصفوا الكورنيش؟
حيوية المكان وحركة الناس فيه جعلتني أستنشق رائحة المتعة الحقيقية، فالكل مستمتع على امتداد الكورنيش، وفي هذه اللحظات وبين المارة تابعت التقاط التفاصيل عن قرب، فمثلاً يعتبر المكان لأمثل لممارسة رياضة المشي، ليس في ساعات الصباح الباكرة فقط إنما في مختلف الأوقات، كما يفعل خليفة محمد، كل يوم فهو يمارس المشي باستمرار وسط أجواء ممتعة، وقال: “لا أفوت فرصة المشي على طول الكورنيش، هذا المكان الرائع، والمنسق والنظيف، وأكتسب في كل مرة طاقة إيجابية جديدة أبدأ بها أعمال الغد” .
من محبي رياضة المشي إلى ساحة الألعاب وفيها لمحت كم هي جميلة ابتسامات الصغار ونشوة الطفولة في جنبات هذا الركن، وها هو مطر علي، أب لأربعة أطفال، منشغل بمراقبة أبنائه وهم يقودون الدراجات الصغيرة على الرصيف الواسع، حيث قدم من أبوظبي في هذه الإجازة ليقضيها مع عائلته، وتحدث إلينا قائلاً: “يستمتع أطفالي بالألعاب المتوفرة في الكورنيش، في أجواء من المرح والسعادة، ومثل هذه الأنشطة تنمي مهاراتهم، كما يمكن للعائلة قضاء أوقات ممتعة فيها الاسترخاء والألفة التي تجدد الروح والعقل .
في الطرف الآخر من الكورنيش وإلى الداخل قليلاً باتجاه البحر، تراصت العائلات بكثرة، وتوزع الأشخاص على طول الشاطئ لأرى من يستمتع بالسباحة مع أطفاله، ومن يهوى الجلوس أو اللعب بالكرة . يبستم وائل نصر، بثيابه المبللة بعد انتهائه من السباحة هو وصديقه، واختصر وصفه للكورنيش وقال: هو مكان مفتوح لكل أفراد العائلة والمتنفس الحيوي الوحيد في الفجيرة، ولا يحلو اللقاء مع الأصدقاء إلا في هذه الأجواء الطبيعية والمشاهد الساحرة للبحر .
ما أجملها من صور تتسارع أمام ناظري لتثبت في الذاكرة، فمن طيور النورس التي تحلق في الأجواء، إلى غضب الأمواج وهدوئها، وبين حركة المد والجزر وارتطام المياه صخور الشاطئ السوداء الكبيرة يبقى التأمل سيد الموقف، فمن يقف على كورنيش الفجيرة لا يمل النظر إلى صور الطبيعة والاستمتاع بها .
وكذلك مشاعر الأمهات مملوءة بالطمأنينة والراحة مع أطفالهن، حيث اجتمعت الخدمات والمرافق لتوفر مكاناً مثالياً للتنزه والاستجمام، وعبرت علياء الشامسي، عن خصوصيته، وقالت: “أشعر مع عائلتي بالطمأنينة والراحة المطلقة، ولا أخشى على أطفالي وهم يلعبون حولي في هذه المساحات الخضراء الشاسعة، إلى جانب أنه يوفر للمقيمين والزائرين الأجواء المطلوبة للاسترخاء والابتعاد عن ضغط الحياة اليومية مع نسمات البحر المنعشة” .
للشواء وتحضيرات أكلات النزهة طعم آخر في منطقة الكورنيش، كما قال محمد فراس، الذي يصطحب أسرته دائماً في أوقات الإجازة، فالمكان بسيط ومريح، ومميز بالتخطيط الهندسي وجماليات الترتيب، الذي تدفعه بشكل مستمر إلى اختيار منطقة المظلات التي تتوفر فيها أماكن مخصصة للشواء وتناول الطعام .
أما الشباب فلا يجدون متعتهم بعيداً عن لعب كرة القدم أو ألعاب أخرى، على طول الساحل، الذي يكتظ بهم إلى درجة كبيرة، مما يعطي روحاً حيوية للمكان، خاصة في أيام العطلات، وكما اعتاد أنس المصيطف، على الخروج مع أصدقائه بشكل مستمر إلى الشاطئ وتقاسم لحظات الفرح التي لا تكتمل من دون هذه التجمعات الشبابية، وأضاف: نأتي إلى هنا بكل حماس ورغبة، ونطلق العنان لأنفسنا في الضحك والغناء واللعب مع بعضنا بعضاً، بلا إزعاج للغير ولا إحراج، وجمالية المكان تكمن في اتساعه وعزلته عن الآخرين .
وفي نهاية جولتي بعد ابتعادي عن منطقة الكورنيش المقابلة لبرج جابر المعروف، تراءت أمامي محارات بيضاء اللون تربعت على البساط الأخضر، وبين الشجيرات الموزعة على أطراف الشارع، اقتربت أكثر من هذه المقاعد التي صممت على شكل محارة جميلة، والتف حولها الزوار لالتقاط الصور والذكريات .
وليس بعيداً يجلس رامي مصلح، مع زوجته وولديه على مصطبات اسمنتية تطل على البحر، وسألته عن اختياره لهذا المكان، وأجاب: “الجو لطيف هنا يحسن المزاج، خاصة أن زوجتي تشعر بضيق الإرهاق، الذي تلاشى مع هذه النسمات المنعشة ومنظر البحر المجدد للطاقة فينا” .
أصبح الكورنيش في الآونة الأخيرة من الوجهات المفضلة المثيرة للإعجاب، حيث يزدحم بالزوار لتنوعه وحيويته، ولم يعد مكاناً للعائلات فقط بل للسائحين الذين جاءوا ليستمتعوا بمفردات المكان وهدوئه، وجماله، وإمكانية الاسترخاء والراحة .
ومع انخفاض حدة الشمس تبدأ مواقف السيارات بالامتلاء بالزوار، ومن المعروف تميز موقع الكورنيش الذي يمتد بمحاذاة خليج عمان وتخطيطه المنسق لاستيعاب أعداد كبيرة من الناس . تعود الدراجات المائية لاكتساح مياه البحر بشكل مثير، ومن جانبه، يذكر أحمد الحوسني، أنه يعشق البحر منذ صغره ويهوى ركوبها وقال: “هنا خصصت الدراجات للإيجار تلبية لرغبات عشاق هذه اللعبة وفق قوانين أمنية تلزم الشخص امتلاك رخصة قيادة لدخول البحر، وكل مرة أجدد طاقتي مع أصدقائي وسط أجواء من المرح لا تنتهي” .
مع أطفاله وزوجته، يقضي المهندس، نبيل محمد، أوقاتاً ممتعة مملوءة بالبهجة ووصف تعلق أسرته بالمكان، قائلاً: “أجمل ما يمكن للعائلة أن تجده هو في هذا المكان من أمان أسري وأجواء حيوية تكتمل مع الخدمات المتوفرة وعدد المطاعم والكافتيريات على الكورنيش التي توفر كل ما يحتاجه الزوار من مأكل ومشرب علاوة على وجود ساحات مفتوحة مخصصة لهواة ركوب الخيل والجمال” .
للحوارات الأسرية الدافئة أوقات وأجواء تلهم الحكايات وتعزز السعادة والتواصل بين أفراد العائلة الواحدة وحتى بين المعارف والأصدقاء من جميع الفئات ولكبار السن كذلك الذين يفضلون التمتع بالهواء الطلق والجلوس أمام البحر لإنعاش الذاكرة والتأمل وتجديد المزاج .
لم تجد السائحة، ريكا رامسون، أفضل من وقت الغروب لتتقاسم مع زوجها الأحاديث، وقالت: هذه المرة الأولى التي أزور فيها الفجيرة وأحببت مياه البحر ومناطق الخضرة أمامها مما يستدعي المكوث فيها أياماً أخر، والجميل أننا نقيم في الطرف المقابل للكورنيش في شاليه سياحي ذي إطلالات خلابة ومناظر ساحرة تجتمع في بقعة واحدة .
تحقيق وتصوير: رفيف الخليل