مجسمات تجسد الماضي الجميل
يكتنفها الهدوء دائماً، وإلى جوار الوديان الخفيضة الخضراء، ترسم ملامحها الفاتنة، هكذا تبدو قرية إعسمة التي تقع على طريق مسافي- الفجيرة، وأكثر من ذلك نظراً لاحتوائها على المزارع الخضراء وأشجار المانغو والليمون بعض أشجار اللبان وغيرها من النباتات التي وجدت من أرض إعسمة ملاذاً للنمو والعيش بأمان، فضلاً عن مياه الأودية التي كانت لا تتوقف عن جريانها في الماضي، وعيون المياه الجوفية المجاورة لمسار الوادي، ناهيك عن المشهد الفني الطبيعي للمزارع الخضراء المدرجة على سفح الجبل الأقرب إلى وصفها بأنها أرض فاتنة الجمال.
أدوات معروضة في أحد المنازل تبرز حياة الأهالي
تربية العسل
تعد منطقة إعسمة حسب ما أوضح المواطن سعيد سالم الشهياري أحد سكان إعسمة من المناطق الجبلية التي يعتمد سكانها على الزراعة بصورة أساسية، والأنشطة الأخرى مثل بيع العسل وتربية المواشي، لاسيما وأنها تعتبر منذ الماضي همزة وصل بين العديد من المناطق في الإمارات، ما أدى إلى تعزيز مكانتها تجارياً، كما أصبح الوصول إليها سهلاً في ظل توفر شبكة نقل متطورة أهمها الطريق القادم من منطقة مسافي بالاتجاه إلى دبا، وما يقابله الطريق الآخر من منطقة دبا.
أشجار النخيل والفاكهة في أحضان الجبال
كما يمكن الوصول إليها من منطقة الغيل التي تقع على طريق المنامة- رأس الخيمة. الكثير من المزارع ألقت بثمارها تحت ظلال جبال إعسمة الشاهقة، ويبدو أن اهتمام المزارع الشهياري وبقية السكان بأرضهم الخصبة يصنع مشهداً طبيعياً خارجاً عن المألوف نظراً لانتشار أشجار المانغو والليمون وأشجار الزينة.
كما نجح بعض المزارعين في تحويل جزء من مزارعهم إلى مشاتل يبيعون منها مختلف أنواع الأشجار، إلا أن الجفاف ساهم في إنهاء حياة القليل من الأشجار نسبياً إلى جانب بعض «العيون» المائية التي طالها الجفاف.
بيوت بلاستيكية لزراعة أكثر إنتاجية
وجهة مثالية
بالمقارنة مع المناطق المأهولة في الدولة، تعد إعسمة أكثر المناطق برودة في الشتاء على حد تعبير المواطن عبيد المزروعي، كما تعتبر إعسمة وجهة مثالية لدى البعض في الماضي للـ«مقيظ»، وهو عبارة عن ارتحال مجموعة من الناس هروباً من حر الصيف إلى مناطق تحتوي على ثمار المانغو وغيرها تتميز بأنها ذات أجواء معتدلة نسبياً، إذ اشتهرت منطقة دبا القريبة من إعسمة باستقطابها في الماضي الكثير من الناس.
بيوت تراثية من حجر وطين
اكتشف بعض الباحثين مؤخراً أن منطقة إعسمة تحتوي على آثار وقبور تعود إلى الألف الاولى ما قبل الميلاد تؤكد أن سكان المنطقة صنعوا حضارة قديمة، ما استدعى من الحكومة حفظ جميع الآثار في مكانها المناسب. أما البيوت القديمة لا تزال شاهدة على قصة عاشها الأجداد منذ القدم، وعلى سفح الجبال انتشرت بعض البيوت التي تم تأسيسها في أربعينيات القرن الماضي، إلى جانب الجامع القديم الذي لا يزال يسرد للزوار والسكان قصة أخرى للمكان.
بيت جبلي كناية عن خيمة من الحجارة تظللها الأعشاب اليابسة
فصل الشتاء
الاعتناء بزراعة الخضروات
خلال فصل الشتاء، يستقبل سكان المنطقة جريان الوادي بحفاوة وترحيب، ويتوافد الزوار من مناطق مختلفة لقضاء أوقات ممتعة على صوت خرير الماء المتدفق من وسط الجبال، ويمكن للسيارة ذات الدفع الرباعي الحركة في وسط الوادي عبر ممر يصل إلى منطقة الغيل، ذلك ما دفع الكثيرون في اعتقاد المزروعي إلى اختيار إعسمة مكاناً لقضاء ساعات النهار في عطلة نهاية الأسبوع، لكن في المقابل يمنع الوادي أصحاب المزارع عند جريانه بقوة من دخول المزارع بضعة أيام، كما يبلغ امتداد الوادي أحياناً إمارة رأس الخيمة ويتعدى ذلك ليصب في مياه البحر بالقرب من منطقة الجزيرة الحمراء.
تكريم خاص
استصلاح الأرض
لقد حظيت المنطقة بتكريم خاص من الحكومة ومن سكانها أيضاً، إذ تم بناء الكثير من المنازل بالقرب من قلب المنطقة، ناهيك عن الشوارع المعبدة والخدمات الأخرى التي ساهمت في توفير الحياة الكريمة والرغد للناس.
أما السكان نفسهم، فقد حرصوا على الاعتناء والاهتمام بالمنطقة بصورة دفعت بعضهم إلى بناء المجسمات التراثية على أطراف الطرق الداخلية وتزيين المنطقة بعلم الدولة، ونحو ذلك من المبادرات الذاتية التي أعطت المنطقة رونقاً مختلفاً، فضلاً عن نظافة المكان التي تعكس مدى حرص واهتمام أهل المنطقة بقريتهم.
المصدر:
رأس الخيمة ـ علي الظاهري