سعيد الطنيجي يرعى جماله بنفسه في مزرعته بالحنية (تصوير يوسف العدان)
تغيرت معالم منطقة «الحنية» التابعة لإمارة الفجيرة تغيراً كبيراً على ما كانت عليه في عصور ما قبل النفط، حيث ظهرت فيها الحياة المدنية، فوفقاً لما قاله سعيد سالم بن خليفة الطنيجي أحد أهالي الحنية «85 عاماً»، كانت المنطقة في الماضي بالغة الصعوبة مادياً ومعنوياً، فلم تكن تلك الحياة الرغيدة جداً تتراءى أمامنا فكنا فقط نفكر في تأمين قوت اليوم بيومه، وكنا نأكل القديد والشعير والتمر والحليب ولم نكن نعرف الأسماك كثيراً لأننا في بيئة صحراوية، حيث كنا نقوم بالمقايضة، حيث نستبدل السمك بالحليب أو الماعز أو العسل أو الخشب الخاص بالتدفئة وهكذا كانت الحياة بسيطة جداً.
مزرعتي الصغيرة
وأضاف: لقد ولدت في الحنية وعشت بها 85 عاماً لم أبرحها ذات يوم ولم أفكر في تركها ذات مرة، بل تمسكت بترابها ونخيلها وهوائها وتربتها، حيث مضت السنون بمرها وحلوها ونحن راضون وأنا هنا واقف، كما النخيل لم أترك مزرعتي الصغيرة للعيش في البيوت الجديدة، كما فعل أبنائي وأقراني من أبناء القبائل الأخرى، بل تمسكت بهذا المكان احتراماً له وتقديراً وحباً وشغفاً براحته التاريخية.
ويعود أصل تسمية الحنية كما أوضح الطنيجي إلى وقوعها على منحنى يبدأ من المنامة وحتى نهاية المنطقة مارا بالشارع الرئيسي،لذا أطلق عليها اسم الحنية من المنحنى، ويعيش في الحنية 800 فرد من المواطنين من قبائل عديدة،سكنوا تلك المنطقة منذ سنوات بعيدة ونشأت أجيال وأجيال،وقد دعمت تلك الروابط بينهم قيام دولتنا الحبيبة التي ساهمت كثيراً في تقوية الأواصر الاجتماعية بين الأسر المواطنة.
الحياة اليومية
وقال: نعلم جميعاً أن البيئة الصحراوية تهتم اهتماماً كبيراً بتربية الجمال والماشية بشكل عام وكانت لقبائل الحنية في الفجيرة شهرة كبيرة في هذا المضمار، مثلما هو الحال في المناطق المحيطة بها مثل الذيد والمنطقة الوسطى بشكل عام وفي السيجي وثوبان وغيرها، حيث كان الأهالي يقبلون على تربية الجمال ومن ثم يقومون بذبحها أو بيعها في الأسواق المحيطة أو في رأس الخيمة أو دبي أو الشارقة، حيث كانت تلك العملية مهنة من المهن الرائجة في تلك الأوقات، وهي تسمى باللهجة المحلية تجارة الهوش أي الأغنام أو تجارة البوش أي الجمال، وهي من أنواع التجارة، التي تجلب لنا قدراً ميسراً من المال أو البضائع العينية التي تقينا بؤس الأيام، وضراوة الفقر في بيئة صعبة نادراً ما تجود بما لديها طواعية.
ولفت إلى أن الحنية من المناطق الصحراوية التي لا تزرع إلا في مناطق معينة، حيث لا توجد مناطق كثيرة بها صالحة للزراعة، إلا أن أهلها كانوا يذهبون إلى منطقة ميدك لزراعة بعض المحاصيل الزراعية بها في مواسم الزراعة والحصاد، واعتادوا وقتها على زراعة الحبوب المختلفة والفندال، كما زرعوا بمزارعها الشعير وحب البُر أو القمح، كما كانوا يزرعون الفواكه على اختلاف أنواعها وكان هو يملك بعضاً من النخيل المحدود، ولم تكن مزرعته كبيرة، لكنه استطاع أن يتواصل مع الظروف المحيطة وأن يجد لنفسه مكاناً في مهنة الزراعة، بالإضافة إلى مهنة التحطيب وجني العسل من الجبال وتربية الماشية التي تعد من المهن الأساسية لأهل الحنية دون غيرها من مهن.
وتابع: الأجيال الحالية وفرت لهم الدولة كل شيء، التعليم المجاني والبيوت المجانية والوظائف والزواج المجاني وجميع مستلزمات الحياة الأخرى، لذا وجب عليهم أن يكونوا، كما عهدناهم على مدى السنوات الماضية مخلصين لهذا الوطن المعطاء وأن يكونوا أوفياء للعهد ويدينوا بالولاء التام للقيادة الحكيمة للدولة.
جدير بالذكر أن منطقة الحنية تقع على طريق المنامة/ حبحب / الطويين/ رأس الخيمة، وتقع جنوب مدينة الفجيرة على مسافة تتجاوز 75 كيلومترا وعلى المسافة ذاتها من مدينة دبا الفجيرة، بينما تبعد عن مدينة الذيد 15 كيلومترا شمالاً. وتعد الحنية من المناطق التي تتسم بالبيئة الصحراوية، حيث كانت في الماضي البعيد تعتمد على حياة الرعي وتربية الماشية والتحطيب وجني العسل من الجبال المجاورة ولم تعرف البحر.
السيد حسن