قادت المصادفة الشاب المواطن مبارك نوفل العواني (20 عاماً) إلى دراسة تخصص الملاحة البحرية، بما يؤهله ليكون ضابطاً بحرياً، فهو كان يطالع إحدى الصحف المحلية، وقرأ إعلاناً لبرنامج البعثات لتدريب البحارة من الشباب المواطنين لشركة «أدناتكو وإنجسكو» التابعة لـ«أدنوك»، ورأى فيه «فرصة ثمينة لابد من استثمارها لنيل شهادة البكالوريوس في هذا الحقل الذي يحتاج إلى حضور المواطنين فيه»، وفقاً للعواني الذي قال إن «من جماليات دراسته أنها تتعلق بأسرار البحار والمحيطات، وكيفية الإبحار فيها».
التحق بالبرنامج بفضل بعثة دراسية إلى أستراليا في «أستريلين ماريتايم كوليج» بولاية «تسمانيا»، ليجد نفسه يخوض غمار تجربة الدراسة في الغربة، في ظل ظروفٍ مواتية «برفقة مجموعة من زملاء البرنامج من الطلاب الإماراتيين».
شكلت «الملاحة البحرية» بالنسبة للعواني «تحدياً كبيراً»، لاسيما أنها «علم وتقنية تعنى بتوجيه السفن من مكان إلى آخر وتحديد موقعها، كما تمثل عملية التخطيط والتسجيل والتحكم في حركة المراكب أثناء التنقل، ولذلك فهي ترتبط بعلوم أخرى، كعلم الفلك وعلم الأرصاد الجوية، وتجمع ما بين الجانبين النظري والعملي في آنٍ واحد».
تجاوب العواني مع هذا التحدي، فبذل جهوداً حثيثة في سبيل تحقيق النجاح، أهلته لأن يكون الأول على الدفعة في أول سنة تخصصية له، كما نجح بعد الانتهاء من أول فصل نظري في اجتياز التدريب العملي الأول الذي أبحر خلاله في محيطات وبحار عالمية على متن سفنٍ محلية تابعة لـ«أدناتكو وإنجسكو» التي فازت، أخيراً، للسنة الثانية على التوالي، بجائزتين من أرفع الجوائز التي تمنح في قطاع الملاحة البحرية.
توزع التدريب الأول للعواني، الذي تعرف فيه على تفاصيل مختلفة تتعلق بالملاحة البحرية، كما ذكر، على مرحلتين «شكلت في الأولى جزيرة داس الإماراتية نقطة الانطلاق، وشملت القيام بثلاث رحلات إلى اليابان استغرقت ثلاثة أشهر، أما الثانية فتطلبت ستة أشهر قصد فيها مجموعة واسعة من الموانئ العالمية لدول متعددة كروسيا وسريلانكا، ودول آسيوية، مثل سنغافورة وماليزيا».
أسهم تدريب العواني العملي في توطيد علاقته بشكلٍ أكبر بالملاحة البحرية، لاسيما أنه نجح خلاله في تخطي «الصعوبات النفسية والصحية المرتبطة بالتنقل البحري»، الأمر الذي جعله في «حالة تأهب وترقب دائمين للتدريب الثاني الذي سيستغرق تسعة أشهر، ليتبعه فصل نظري يمهد الطريق نحو التخرج».
يقول العواني: «أشعر بسعادةٍ كبيرة كوني التحقت بالبرنامج الذي أهّلني لدراسة الملاحة البحرية، لاسيما أنه يسهم في إعداد قادة المستقبل في الملاحة البحرية، وحظي باعتراف الصناعة الملاحية، كما فاز في نوفمبر الماضي بجائزة التعليم والتدريب لعام 2013»، ويضيف أن «دراستي للملاحة البحرية تقربني من تراث أجدادي البحارة الإماراتيين الذين أبحروا في أعالي البحار، واكتشفوا الفرص، وغاصوا عميقاً لصيد اللؤلؤ».
بعيداً عن الملاحة البحرية، يصف العواني تجربته في الغربة بـ«الجميلة والثرية، فمن خلالها تعلمت أموراً عديدة في فترةٍ وجيزة، حيث أصبحت أعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقي كطالب ملزم بالجد والاجتهاد، ومغترب يتوجب عليه تمثيل بلاده خير تمثيل، هذا إلى جانب كيفية التعامل مع أبناء جنسيات مختلفة والاختلاط بهم، واحترام دياناتهم وثقافاتهم مهما اختلفت وتنوعت، الأمر الذي جنيت ثماره بتكوين علاقات زمالة وصداقة مع مجموعة منوعة من الطلاب الذين يشاركونني وأصدقائي المواطنين اليوم أفراحنا ومناسباتنا الدينية والوطنية».
يستثمر العواني أوقات فراغه في الغربة بـ«ممارسة رياضة فنون القتال المتنوع، التي تعد مزيجاً بين كثير من فنون الدفاع عن النفس، فضلاً عن التواصل مع أصدقائي الذين يشاركونني السكن الجامعي، لتكون نهاية الأسبوع فرصة لإعداد مائدة من المأكولات التقليدية الإماراتية».