هل يعلم الجمهور أن هناك نصاً في قانون المعاملات المدنية الإماراتي، يشير إلى أن الجهل بالأحكام ليس عذراً، بمعنى أن عدم المعرفة بالقانون لا يبرر ارتكاب الخطأ. وهل هناك من لم يسمع بخديعة من نصاب محترف أو مبتدئ، بحق إنسان عادي أو بسيط أو مبدع في مجال ما، أو ملتزم في عمله واختصاصه، وما أكثر ما يروي هؤلاء عن عمليات نصب واحتيال واستغلال تعرضوا لها، بسبب جهلهم أو عدم معرفتهم بهذه المادة القانونية أو تلك، في حين يكون النصاب مدركاً لمختلف تفاصيل القانون ومواده وبنوده ومفاتيحه، فهو كما يقال عنه غالباً إنه محامٍ بخبرة كبيرة، لكن من دون شهادة جامعية في الحقوق.
«بدلاً من البحث عن مبررات الجهل بالقانون، يجب سعي الجميع إلى التمتع بثقافة قانونية». |
وكثر هم الذين اضطروا إلى قراءة القانون بشكل تفصيلي، إثر تعرضهم لعمليات نصب واحتيال، أو الوقوع في الخطأ بسبب عدم المعرفة بالقانون أو الجهل به، وصاروا على قناعة تامة بتلك المقولة التي تشير إلى أن «القانون لا يحمي المغفلين»، بمعنى الجاهلين به، فالجهل والمعرفة ضدان حاضران في حياة البشر، في شتى المعارف والمجالات، ومن بينها القانون، الذي وجد من أجل هدف واضح يتعلق بتنظيم حياة البشر، وقد يُستغل أو يُوظف الجهل لتمرير أو تبرير كثير من الأفعال والمواقف والأخطاء، مع أن الجهل بالأحكام القانونية ليس عذراً لأحد، وأن المطلوب دائماً السعي من أجل بلورة ثقافة قانونية لدى كل أفراد المجتمع. في بعض الدول الغربية يفتح الطفل عينيه على أمور كثيرة، من بينها طبيب العائلة، الذي يقوم بمتابعة الحالة الصحية لكل فرد في الأسرة، ومحامي العائلة الذي يتابع مختلف شؤون العائلة القانونية، بالإضافة إلى دوره في التوعية والتثقيف القانوني لأفراد الأسرة في محاولة منه لمنع الفرد من الوقوع في المحظور، وارتكاب ما يعاقب عليه القانون، وإبعاده عن حالة الجهل بالقانون، ما يعني ضرورة تمتعه بثقافة قانونية عامة لازمة. أعتقد أن هناك ضرورة من أجل العمل على بلورة ثقافة قانونية عامة، تدحر الجهل بالقانون، وتسهم في تشكيل نوع من الضمان للفرد، وعدم وقوعه في الخطأ أو ارتكاب فعل جرمي ما، استناداً على قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون، وأن كل شخص يفترض أنه يعلم بالقانون، خصوصاً أن الجهل في أحكام القانون ينطوي على إهمال، ولأن المطلوب دوماً تقليص مساحة الجهل في المجتمع، لمصلحة زيادة مساحة المعرفة والعلم، لابد من خلق ثقافة قانونية، تلعب دوراً مهماً في الحد من أخطاء الأفراد التي تعرضهم للمساءلة والعقوبة القانونية، خصوصاً ان سريان القانون في المجتمع يستند إلى قاعدة عدم جواز التذرع بجهل القانون، تلك المقولة التي غالباً ما يشار إلى أصولها الرومانية، واعتمدتها المجتمعات والدول الحديثة، حيث لا يمكن للقانون أن يكون فاعلاً، ويساوي بين المواطنين، إذا أتيح التعذر بجهله.