تتميز الإمارات بوجود عدد كبير من القلاع والحصون القديمة والأبراج ذات الأشكال المختلفة الدائرية والمخروطية والمربعة، وقد أنشئت جميعها لأغراض مختلفة حيث تنتشر على طول الساحل، وفي بعض المرتفعات والمناطق الداخلية، وعلى مشارف المدن وقد تم مؤخراً تجديد معظمها للمحافظة عليها من الاندثار، نظراً لما مرت به من أدوار تاريخية مختلفة، ومنها قلعة البثنة في الفجيرة التي تقف شامخة تروي فصولاً من تاريخ المنطقة.
كانت الحصون والقلاع والأبراج التي بناها السكان العرب في دولة الإمارات على مر العصور بمثابة الأبراج الدفاعية عن التجمعات السكنية، وقد بنيت بحيث تتضمن عدداً من الأبراج والمتاريس القائمة بذاتها والتي تطل باتجاه الخارج لكي تتيح للمدافعين أفضل رؤية للأعداء إذا ما حاولوا الاقتراب من الجدران التي تصل بين هذه الأبراج .
أما عن طبيعة مواد البناء التي كانت تستخدم في بنائها فإنها كانت تختلف تبعاً للموقع الذي تقام عليه وطبيعته وما يتوافر في هذا الموقع أو ذاك من مواد . ففي المناطق الجبلية التي تشرف فيها الحصون على السهل لحمايته في الحصون التي تحرس ممراً عبر الوادي كما هو الحال في منطقة البثنة” بالفجيرة كانت تستخدم الحجارة لبناء الجدران والأبراج، أما في الواحات والصحراء فقد بنيت الحصون كلياً من الحجر المصنوع من الطين والقش المجفف بواسطة الشمس كما هو الحال في مدينة العين مثلاً.
قلعة شامخة
أما على الشواطئ كما هو الحال في أبوظبي والشارقة وغيرها فقد استخدمت الحجارة المرجانية وتستخرج من قاع البحر وكانت توضع بعد أن تغسلها مياه الأمطار في صفوف مرنة حيث يصنع السطح الخارجي للجدار من طبقة ناعمة من الطين، أما السطح الداخلي للجدار فقد كان يتم كساؤه بطبقة من الجص وأحياناً بطلاء أبيض .
وكشفت تلك القلاع والحصون عن سجل الإمارات الحافل بالنضال منذ فجر التاريخ ضد الاستعمار، باعتبارها كانت وسيلة من وسائل الدفاع عن المنطقة، لكن من أشهر القلاع المشهور في الفجيرة والتي كان لها دور في حماية المنطقة من المهاجمين الاستعماريين قلعة البثنة التي تعد من أهم وأكثر المناطق ثراء من حيث المكتشفات الأثرية سواء كانت لقى أثرية أو مدافن أو قلاعا وحصونا، وتقف هذه القلعة شامخة عبر السنين لتحكي حكاية الإنسان على أرضها.
وتعتبر قلعة البثنة من أشهر القلاع الموجودة في الفجيرة، حيث شيدت عام 1735 أي أن عمرها تجاوز 270 عاماً تقريباً وتأتي شهرة القلعة من شكلها المعماري الفريد وحالتها الجيدة من حيث البناء إلى جانب موقعها المتميز، كما أنها تقع في منطقة تعد المدخل الرئيسي لإمارة الفجيرة، لذا فقد اهتم بها الشيوخ اهتماماً كبيراً نظراً لدورها الخطير في حماية الإمارة بشكل محدد من غزوات الأعداء، ولهذا بنيت القلعة لتكون بمثابة الحصن الحصين للبثنه والإمارة.
شكل القلعة
القلعة شيدت على شكل مربع تقريباً، فلا يمكن الدخول إليها الا بواسطة باب صغير لا يزيد ارتفاعه على متر واحد، ويؤدي هذا الباب إلى فناء كبير، ويوجد على جانبيها برجان كبيران يميزان شكلها من الخارج، وتتخلل جدرانها فتحات كانت تستخدم من قبل المدافعين عنها، وكذلك توجد فتحات بأعلى البرج تكفي لأعداد لا بأس بها من المدافعين ولزيادة حماية القلعة شيدت من الطوب المحروق وهي حتى الآن لا تزال بحالة جيدة، وحاليا العمل جاري في بعض الترميمات والإصلاحات للمحافظة عليها، وهي تختلف عن قلعة الفجيرة كون الأخيرة شيدت بأحجار الجرانيت وأحجار أخرى نارية
مدافن البثنة
أما بخصوص مدافن القلعة ففي التسعينيات من القرن الماضي تم اكتشاف أكبر وأهم قرية أثرية في البثنة، تقع في منطقة البثنة الواقعة على الطريق الرئيسي الفجيرة دبي، ويعود تاريخ القرية الأثرية المكتشفة الى نهاية الألف الثاني وبداية الألف الأول قبل الميلاد، لذلك لأهمية القلعة قامت دائرة الآثار والتراث في الفجيرة بتوفير كل الإمكانات والمعلومات والتعاون التام مع البعثة الأثرية الفرنسية لاكتشاف المزيد من الآثار في المنطقة، حيث أشارت مسؤولة البعثة إلى وجود قرائن وأدلة تفيد بوجود آثار أخرى بجوار القرية الأثرية المكتشفة ستعمل البعثة على كشف النقاب عنها لمعرفة تاريخ هذه المنطقة بدقة، كما إن المكتشفات الأثرية التي تم اكتشافها تضم مواقع عدة أهمها على الإطلاق الاكتشافات الأخيرة وهي عبارة عن قرية أثرية متكاملة، وقد رمز للمواقع الأثرية المكتشفة حديثا بالموقع (44) والموقع (24) ومواقع قريبة جدا من بعضها بعضا وتفصل بينها مسافة بسيطة وتقع خلف قلعة البثنة الشهيرة.بالإضافة إلى المواقع الأثرية المكتشفة فقد وجد هناك مكتشفات أخرى من الأحجار عليها نقوش بارزة تأخذ شكل الثعبان يعود تاريخها أيضا إلى حقبة الألف الأول قبل الميلاد.